للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فترك الواجبات يمنع استجابة دعاء الأخيار وفعل الطاعات يكون موجبا لاستجابة الدعاء ولهذا لما توسل الذين دخلوا الغار وانطبقت الصخرة عليهم بأعمالهم الصالحة التي أخلصوا فيها لله تعالى ودعوا الله بها أجيبت دعوتهم.

(حديث حذيفة في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لتأمُرنّ بالمعروف و لتنهَوْنَّ عن المنكر أو يبعث الله عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لهم.

[*] قال وهب ابن منبه مثل الذي يدعو بغير عمل كمثل الذي يرمي بغير وتر وعنه قال العمل الصالح يبلغ الدعاء ثم تلا قوله تعالى إليه (يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) (١)

[*] قال أبي ذر رضي الله عنه:

يكفي مع البر من الدعاء مثل ما يكفي الطعام من الملح وقال محمد بن واسع: يكفي من الدعاء مع الورع اليسير

[*] وقيل لسفيان لو دعوت الله قال إن ترك الذنوب هو الدعاء.

[*] وقال الليث رأى موسى عليه الصلاة والسلام رجلا رافعا يديه وهو يسأل الله مجتهدا فقال موسى عليه السلام أي رب عبدك دعاك حتى رحمته وأنت أرحم الراحمين فما صنعت في حاجته فقال يا موسى لو رفع يديه حتى ينقطع ما نظرت في حاجته حتى ينظر في حقي

[*] وقال بعض السلف لا تستبطيء الإجابة وقد سددت طرقها بالمعاصي

نحن ندعو الإله في كل كرب ... ثم ننساه عند كشف الكروب

كيف نرجو إجابة لدعاء ... قد سددنا طريقها بالذنوب

(٤) استعجال الإجابة:

(حديث أبي هريرة في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: يستجاب أحدكم ما لم يعجل، يقول دعوت فلم يُستَجِبْ لي.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لا يزالُ يستجاب للعبد ما لم يدعُ بإثم أو قطيعةِ رحمٍ ما لم يستعجل“. قيل: يا رسول الله! ما الاستعجال؟ قال: ”يقول قد دعوتُ، وقد دعوتُ فلم أرَ يستجيبُ لي فيستحسر (٢) عند ذلك ويدعُ الدعاءَ“ (٣).

وفي هذا الحديث أدب من آداب الدعاء، وهو أن يلازم الطلب، ولا ييأس من الإجابة؛ لما في ذلك من الانقياد، والاستسلام، وإظهار الافتقار. (٤)


(١) - فاطر
(٢) ومعنى يستحسر: أي ينقطع عن الدعاء ومنه قوله تعالى: {لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ} أي لا ينقطعون عنها. انظر: شرح النووي، والفتح ١١/ ١٤١.
(٣) مسلم ٤/ ٢٠٩٦.
(٤) فتح الباري ١١/ ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>