للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا حُمل كأنَّ الناس لم تصبهم مصيبة إلا يومئذٍ، فسلَّم عبد الله بن عمر، فقال: يستأذن عمر بن الخطاب فأذنت له (فدفن رحمه الله) حيث أكرمه (الله مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر). فقالوا له حين حضره الموت: إستخلف، فقال: لا أجد أحداً أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو عنهم راضٍ، فأيهم إستخلفوا فهو الخليفة بعدي، فسمَّى علياً، وعثمان، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعداً ـ رضي الله عنهم ـ فإن أصابت الإِمرة سعداً فذاك، وإلا فأيُّهم إستخلف فليستعن به، فإني لم أنزعه عن عجز ولا خيانة، وجعل عبد الله يشاورونه معهم وليس له من الأمر شيء. إجتمعوا قال عبد الرحمن بن عوف: إجعلوا أمركم إلى ثلاثة نفر، فجعل الزبير أمره إلى عليٌّ، وجعل طلحة أمره إلى عثمان، جعل سعد أمره إلى عبد الرحمن. فأتمر أولئك الثلاثة حين جُعل الأمر لهم. فقال عبد الرحمن: أيكم يتبرأ من الأمر، ويجعل الأمر ليّ؟ ولكم الله عليَّ أن لا آلو عن أفضلكم وخيركم للمسلمين. قالا: نعم، فخَلا بعليِّ فقال: إن لك من القرابة من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتقدم، ولي الله عليك لئن أستُخلف لتعدلنَّ ولئن إستخلفتُ عثمان لتسمعنَّ ولتطيعنَّ. قال: نعم. وخلا بعثمان فقال له مثل ذلك، فقال عثمان؛ نعم. ثم قال لعثمان: إبسط يدك يا عثمان، فبسط يده، فبايعه وبايعه عليٌّ والناس.

وصية عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لولي الأمر من بعده:

أخرج ابن أبي شيبة، وأبو عُبَيد في الأموال، أبو يَعْلى، والنِّسائي، وابن حِبّان، والبيهقي عن عمر رضي الله عنه أنه قال:

"أُوصي الخليفة بعدي بالمهاجرين الأوَّلين أن يعلم لهم حقَّهم، ويحفظ لهم حرمتهم. وأوصيه بالأنصار الذين تبوؤا الدار والإِيمان من قبلهم؛ أن يقبل من محسنهم، وأن يعفو عن مسيئهم. وأوصيه بأهل الأمصار خيراً، فإنَّهم رِدْء الإِسلام، وجُباة الأموال، وغَيْظ العدو، وأن يأخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم، وأوصيه بالأعراب خيراً فإنهم أصل العرب ومادة الإِسلام؛ أن يأخذ من حواشي أموالهم فيرد على فقرائهم. وأوصيه بذمّة الله وذمّة رسوله أن يوفي لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، ولا يكلَّفهم إلا طاقتهم".

كذا في المنتخب.

<<  <  ج: ص:  >  >>