للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَوَافَقَ ذَلِكَ عِنْدِي مَالًا) أَيْ: صَادَفَ أَمْرُهُ بالتَّصَدُّقِ حُصُولَ مَالٍ عِنْدِي، فَعِنْدِي حَالٌ مِنْ مَالٍ، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِمَّا قَبْلَهُ يَعْنِي: وَالْحَالُ أَنَّهُ كَانَ لِي مَالٌ كَثِيرٌ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ

(الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ من مناقبه) أَيْ: بِالْمُبَارَزَةِ، أَوْ بِالْمُبَالَغَةِ

(إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا) أَيْ: مِنَ الْأَيَّامِ وَإِنْ شَرْطِيَّةٌ دَلَّ عَلَى جَوَابِهَا مَا قَبْلَهَا، أَوِ التَّقْدِيرُ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا فَهَذَا يَوْمُهُ، وَقِيلَ: إِنْ نَافِيَةٌ أَيْ: مَا سَبَقْتُهُ يَوْمًا قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ اسْتِئْنَافُ تَعْلِيلٍ (قَالَ) أَيْ: عُمَرُ (قُلْتُ مِثْلَهُ) أَيْ: أَبْقَيْتُ مِثْلَهُ يَعْنِي نِصْفَ مَالِهِ

(بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ) أَيْ: مِنَ الْمَالِ (اللَّهَ وَرَسُولَهُ) مَفْعُولُ: أَبْقَيْتُ أَيْ: رِضَاهُمَا

(لا أسابقك إلى شىء أبدا) أَيْ: مِنَ الْفَضَائِلِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مُغَالَبَتِهِ حِينَ كَثْرَةِ مَالِهِ وَقِلَّةِ مَالِ أَبِي بَكْرٍ فَفِي غَيْرِ هَذَا الْحَالِ أَوْلَى أَنْ لَا يَسْبِقَهُ. أهـ

كان فعل عمر فيما فعله من المنافسة والغبطة مباحاً ولكن حال الصديق - رضي الله عنه - أفضل منه لأنه خال من المنافسة مطلقاً ولا ينظر إلى غيره (١).

(٢) جعل أنفس ماله وقفاً لله تعالى:

(حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح البخاري): أن عمر بن الخطاب أصاب أرضا بخيبر، فأتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله، إني أصبت أرضا بخيبر، لم أصب مالا قط أنفس عندي منه، فما تأمر به؟ قال: (إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها). قال: فتصدق بها عمر: أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث، وتصدق بها في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويطعم غير متمول.

هذا الموقف العمري فيه فضيلة ظاهرة للفاروق رضي الله عنه ورغبته في المسارعة للخيرات، وإيثاره الحياة الآخرة على الحياة الفانية.


(١) الفتاوى لابن تيمية (١٠/ ٧٢،٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>