للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢] أن نؤمن بكل ما اخبر به النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مما يكون بعد الموت من فتنة القبر وعذابه ونعيمه والبعث والحساب والحشر والميزان والصراط والشفاعة وغير ذلك.

(الركن السادس الإيمان بالقدر خيره وشره:

مسألة: ما هو الإيمان بالقدر خيره وشره؟

القدر هو: "تقدير الله عز وجل للأشياء".

وقد كتب الله مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة (١)، كما قال الله تعالى: {ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير} [الحج: ٧٠].

"خيره وشره": أما وصف القدر بالخير، فالأمر فيه ظاهر. وأما وصف القدر بالشر، [فالمراد به شر المقدور لا شر القدر] الذي هو فعل الله، فإن فعل الله عز وجل ليس فيه شر، كل أفعاله خير وحكمة، لأنه تعالى يقدرُ الأشياء لحكمةٍ بالغةً قضاها يستوجب الحمد على اقتضاها ولكن الشر في مفعولاته ومقدورا ته، فالشر هنا باعتبار المقدور والمفعول، أما باعتبار الفعل، فلا، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: "والشر ليس إليك.

فمثلاً، نحن نجد في المخلوقات المقدورات شراً، ففيها الحيات والعقارب والسباع والأمراض والفقر والجدب وما أشبه ذلك، وكل هذه بالنسبة للإنسان شر، لأنها لا تلائمه، وفيها أيضاً المعاصي والفجور والكفر والفسوق والقتل وغير ذلك، وكل هذه شر، لكن باعتبار نسبتها إلى الله هي خير، لأن الله عز وجل لم يقدرها إلا لحكمةٍ بالغةً قضاها يستوجب الحمد على اقتضاها، عرفها من عرفها وجهلها من جهلها.

وعلى هذا يجب أن تعرف أن الشر الذي وصف به القدر إنما هو باعتبار المقدورات والمفعولات، لا باعتبار التقدير الذي هو تقدير الله وفعله.

ثم اعلم أيضاً أن هذا المفعول الذي هو شر قد يكون شراً في نفسه، لكنه خير من جهة أخرى، قال الله تعالى: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون} [الروم: ٤١]، النتيجة طيبة، وعلى هذا، فيكون الشر في هذا المقدور شراً إضافياً يعنى: لا شراً حقيقياً، لأن هذا ستكون نتيجته خيراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>