للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حديث حذيفة في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لتأمُرنّ بالمعروف و لتنهَوْنَّ عن المنكر أو يبعث الله عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لهم.

[*] قال أهل العلم:

"لذا يمكن الجزم بأن ترك القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مانع من موانع إجابة الدعاء، فعلى كل مسلم يرغب بصدق أن يكون مستجاب الدعوة القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب طاقته وجهده" (١).

(٩) بر الوالدين:

وقد مر بنا قصة أصحاب الغار وأن فيهم رجلاً كان بارًّا بوالديه، وكذلك دعاء الولد البار لوالديه.

هذه بعض أسباب إجابة الدعاء، وبالجملة فالإتيان بشرائط الدعاء، وآدابه، وتجنب ما يخالف ذلك كفيل _ بإذن الله _ بإجابة الدعاء.

وكذلك عكس هذه الأمور يعد من أسباب رد الدعاء؛ فاستبطاء الإجابة، وأكل الحرام، والاعتداء في الدعاء، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكثرة الذنوب والمعاصي وغيرها _ كل ذلك من موانع إجابة الدعاء.

[*] قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

والأدعية والتعويذات بمنزلة السلاح، والسلاحُ بضاربه، لا بحَدِّه فقط؛ فمتى كان السلاح سلاحًا تامًّا لا آفة به، والساعد ساعدًا قويًّا، والمانع مفقودًا _ حصلت النكاية في العدو.

ومتى تخلَّف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير.

فإن كان في نفسه غير صالح، أو الداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه في الدعاء، أو كان ثمَّ مانعٌ من الإجابة _ لم يحصل الأثر. (٢)

(١٠) الصبر وعدم الاستعجال:

فلا ينبغي للعبد أن يستعجل الإجابة إذا دعا، وألا يستبطئ الإجابة إذا تأخرت؛ فإن الاستعجال من الآفات التي تمنع أثر الدعاء.

(حديث أبي هريرة في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: يستجاب أحدكم ما لم يعجل، يقول دعوت فلم يُستَجِبْ لي.

[*] قال ابن حجر رحمه الله تعالى: "وفي هذا الحديث أدب من آداب الدعاء، وهو أن يلازم الطلب، ولا ييأس من الإجابة؛ لما في ذلك من الانقياد والاستسلام وإظهار الافتقار" (٣) -

[*] وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:

"ومن الآفات التي تمنع أثر الدعاء أن يتعجل العبد ويستبطئ الإجابة فيستحسر ويدع الدعاء، وهو بمنزلة من بذر بذراً أو غرس غرساً فجعل يتعاهده ويسقيه، فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله" (٤).

ومعنى يستحسر: ينقطع.


(١) - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لصالح الدرويش (ص ٣٤).
(٢) الجواب الكافي ص١٤.
(٣) - الفتح (١١/ ١٤١)
(٤) - الجواب الكافي (ص ١٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>