قال على رضي الله عنه: الزهد بين كلمتين من القرآن، قال تعالى (لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ)[الحديد: ٢٣] ومن لم يأس على الماضي ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه.
{تنبيه}: وفي كلمته هذه من تحديد الزهد ضمن إطار (لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ) لإفهام الناس معنى الزهد في هذه الدنيا وذلك بالهدوء وعدم الاهتياج فلا العُسر يبقى ولا اليُسر والمطلوب هو الصبر والشكر على كل حال، وتنبيه الناس عن الفهم السلبي للزهد بالابتعاد عن نِعَمِ الله تعالى وطيباته وزينته التي أخرج لعباده، كما هم عليه بعض الجاهلين الذين يحاولون إبعاد المسلمين عن أي اهتمام بالأمور المادية الدنيوية مع ما فيها من المفاسد من قبيل فتح المجال لسيطرة الآخرين من أعداء الإسلام على خيرات المسلمين وبركاتهم ومنابعهم المادية الغنية التي قل مثلها في غير بلاد المسلمين،
فلتوعية المسلمين وغيرهم وإيصال المعنى المطلوب من الزهد: فليس الزهد في الدنيا بإضاعة المال ولا بتحريم الحلال، بل الزهد في الدنيا أن لا تكون بما في يدك أوثق منك بما في يد الله عز وجل، وألا تأسَ على ما فاتك ولا تفرح بما آتاك.
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن شقيق بن إبراهيم قال: من أراد أن يعرف معرفته بالله فلينظر إلى ما وعده الله ووعده الناس بأيهما قلبه أوثق.
فلا بد من الاعتدال في كل شيء دون الإفراط والتفريط وعدم نسيان الآخرة قال تعالى:(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)[القصص: ٧٧] إذن ليس الزهد أن لا تملك شيئاً إنما أن لا يملك شيء.
[*] قال على رضي الله عنه: طوبى للزاهدين في الدنيا و الراغبين في الآخرة أولئك قوم اتخذوا الأرض بساطاً، و ترابها فراشاً، و ماءها طيباً، و الكتاب شعاراً، و الدعاء دثاراً، و رفضوا الدنيا رفضاً.
وقال أيضا: فو الله ما كنزت من دنياكم تبرا، ولا ادخرت من غنائمها وفرا، ولا أعددت لبالي ثوبي طمرا، ولا حزت من أرضها شبرا.