الوقت الوقت للتحصيل، فكن حلف عمل لا حلف بطالة ويطر وحلس معمل لا حلس تله وسمر فالحفظ على الوقت بالجد والاجتهاد وملازمة الطلب ومثافنة الأشياخ، والاشتغال بالعلم قراءة وإقراء ومطالعة وتدبراً وحفظا وبحثا، لا سيما في أوقات شرخ الشباب ومقتبل العمر، ومعدن العاقبة، فاغتنم هذه الفرصة الغالية، لتنال رتب العلم العالية، فإنها ”وقت جمع القلب، واجتماع الفكر”، لقلة الشواغل والصوارف عن التزامات الحياة والترؤس، ولخفة الظهر والعيال.
ما للمعيل وللعوالي إنما ... يسعى إليهم الفريد الفارد
وإياك وتأمير التسويف على نفسك، فلا تسوف لنفسك بعد الفراغ من كذا، وبعد (التقاعد) من العمل هذا ... وهكذا بل البذار قبل أن يصدق عليك قول أبى الطحان القيني:
حنتني حانيات الدهر حتى ... كأني خاتل أدنوا لصيد
قصير الخطر يحسب من رآني ... ولست مقيداً أنى بقيد
[*] وقال أسامة بن منقذ:
مع الثمانين عاث الضعف في جسدي ... وساءني ضعف رجلي واضطراب يدي
إذا كتبت فخطى خط مضطرب ... كخط مرتعش الكفين مرتعد
فاعجب لضعف يدي عن حملها قلما ... من بعد حمل القنا في لبة الأسد
فقل لمن يتمنى طول مدته ... هذى عواقب طول العمر والمدد.
فإن أعملت البدار، فهذا شاهد منك على أنك تحمل ”كبر الهمة في العلم”.
١٣ (إجمام النفس:
خذ من وقتك سويعات تجم بها نفسك في رياض العلم من كتب المحاضرات (الثقافة العامة)، فإن القلوب يروح عنها ساعة فساعة.
وفي المأثور عن أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضي الله عنه أنه قال: ”أجموا هذه القلوب، وابتغوا لها طرائف الحكمة، فإنها تمل كما تمل الأبدان”.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في حكمة النهى عن التطوع في مطلق الأوقات:
“بل في النهى عنه بعض الأوقات مصالح أخر من إجمام النفوس بعض الأوقات، من ثقل العبادة، كما يجم بالنوم وغيره، ولهذا قال معاذ إني لأحتسب نومتي، كما أحتسب قومتي ... ”
وقال:”بل قد قيل: إن من جملة حكمة النهى عن التطوع المطلق في بعض الأوقات: إجمام النفوس في وقت النهى لتنشط للصلاة، فإنها تنبسط إلى ما كانت ممنوعة منه، وتنشط للصلاة بعد الراحة. والله أعلم” أ هـ.
ولهذا كانت العطل الأسبوعية للطلاب منتشرة منذ أمد بعيد، وكان الأغلب فيها، يوم الجمعة، وعصر الخميس، وعند بعضهم يوم الثلاثاء، ويوم الاثنين، وفي عيدي الفطر والأضحى من يوم إلى ثلاثة أيام وهكذا ... .