للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

((حديث أبي هريرة الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يُخالل.

(ومعنى الحديث: أن الإنسان على عادة صاحبه وطريقته وسيرته، فليتأمل ويتدبر من يخالل، فمن رضي دينه وخلقه خالله، ومن لا تجنبه فإن الطباع سراقة (١).

(قال الخطابي رحمه الله في آداب العزلة:

قوله: (المرء على دين خليله) معناه لا تخالل إلا من رضيت دينه وأمانته فإنك إذا خاللته قادك إلى دينه ومذهبه قال سفيان بن عيينة: وقد روى في هذا الحديث انظروا إلى فرعون معه هامان انظروا إلى الحجاج معه يزيد بن أبي مسلم شر منه انظروا إلى سليمان بن عبد الملك صحبه رجاء بن حيوة فقوَّمه وسدده ويقال: إن الخلة مأخوذة من تخلل المودة القلب وتمكنها منه: وهي أعلى درج الإخاء وذلك أن الناس في الأصل أجانب فإذا تعارفوا ائتلفوا فهم أوداء وإذا تشاكلوا فهم أحباء فإذا تأكدت المحبة صارت خلة. أهـ

(أورد الخطابي رحمه الله في آداب العزلة عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يقول وهو يعظ رجلا: لا تتكلم فيما لا يعنيك واعتزل عدوك واحذر صديقك إلا الأمين ولا أمين خلا من يخشى الله عز وجل ويطيعه ولا تمش مع الفاجر فيعلمك من فجوره.

(أورد الخطابي رحمه الله في آداب العزلة عن الخطاب بن المعلى المخزومي أنه وعظ ابنه فقال: إياك وإخوان السوء فإنهم يخونون من رافقهم ويخرفون من صادقهم وقربهم أعدى من الجرب ورفضهم من استكمال الأدب والمرء يعرف بقرينه.

((حديث أبي سعيد الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لا تصاحب إلا مؤمنا و لا يأكل طعامك إلا تقي.

((حديث أبي موسى الثابت في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: مثل الجليس الصالح و الجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يُحْذِيَك وإما أن تبتاع منه وإما تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تجد منه ريحا خبيثة.

(والحديث بيّنٌ في التحذير من مجالسة أهل السوء، والترغيب في مجالسة أهل الصلاح والتقى، وجليس السوء إما مبتدعاً، وإما فاسقاً.


(١). عون المعبود المجلد السابع (١٣/ ١٢٣) بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>