للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كان مبتدعا فقد جاءت أقوال السلف في التحذير منهم، وعدم مجالستهم، لأنهم ضررٌ على الدين والدنيا، ومجالس أهل البدع لا تخلو من أمرين إما أن ينغمس في بدعتهم، أو يصاب بالحيرة والشك لما يلقيه أهل البدع من الشبهات المضلة، وكلاهما شر.

(ومن أقول السلف في ذم أهل البدع والتحذير من مجالستهم، قول الحسن البصري: لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم ولا تسمعوا منهم. وقال أبو قلابة: لا تجالسوهم ولا تخالطوهم فإنى لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم ويلبسوا عليكم كثيراً مما تعرفون. وقال ابن المبارك ... : يكون مجلسك مع المساكين وإياك أن تجالس صاحب بدعة. وقال الفضيل بن عياض: إن لله ملائكة يطلبون حلق الذكر فانظر مع من يكون مجلسك، لا يكون مجلسك مع صاحب بدعة فإن الله لا ينظر إليهم وعلامة النفاق أن يقوم الرجل يقعد مع صاحب بدعة (١).

وإن كان الجليس فاسقاً. فإنك لن تسلم من سماع الخنا، والقول الباطل، والغيبة، وقد يصاحب ذلك تهاون في الصلوات، وغير ذلك من المعاصي التي تميت القلب. ولذا نجد أن بعض الذين انتكسوا بعد الاستقامة كان بسبب مجالستهم للفساق.

(٣) السلام على أهل المجلس عند القدوم، والانصراف:

سبق لنا في آداب السلام بيان أن من السنة السلام على أهل المجلس عند القدوم عليهم، وعند إرادة الانصراف، وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة:

((حديث أبي هريرة الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليُسلِّم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم فليست الأولى أحق من الثانية.

{تنبيه}: (يجزي عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم و يجزي عن الجلوس أن يرد أحدهم.

(حديث علي في صحيح أبي داوود) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: يجزي عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم و يجزي عن الجلوس أن يرد أحدهم.

(٤) لا يقيم الرجلُ الرجلَ من مَقْعَدِه ثم يجلس فيه:

((حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا أوَتَوَسَّعُوا.

(٥) من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به:


(١). النقول من شرح أصول واعتقاد أهل السنة والجماعة لللالكائي. (دار طيبة - الطبعة الرابعة ١٤١٦هـ) (١/ ١٥٠ - ١٥٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>