للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة: يعمد بعض الناس إلى وضع (سجادة الصلاة) أو نحو ذلك، رغبةً منهم في نيل فضل الصف الأول، مع تأخرهم في الحضور إلى المسجد، فهل هذا الفعل مشروع؟

الجواب: تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذه المسألة بخصوصها فقال: وأما ما يفعله كثيرٌ من الناس من تقديم مفارش إلى المسجد يوم الجمعة، أو غيرها، قبل ذهابهم إلى المسجد، فهذا منهي عنه باتفاق المسلمين؛ بل محرم. وهل تصح صلاته على ذلك المفروش؟ فيه قولان للعلماء؛ لأنه غصب بقعة في المسجد بفرش ذلك المفروش فيها، ومنع غيره من المصلين الذين يسبقونه إلى المسجد أن يصلي في ذلك المكان. [ثم قال] ... والمشروع في المسجد أن الناس يتمون الصف الأول، كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ قالوا: وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: يتمون الصف الأول، فالأول، ويتراصون في الصف) (١). وفي الصحيحين عنه أنه قال: (لو يعلم الناس ما في النداء، والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لا ستبقوا إليه) (٢). والمأمور أن يسبق الرجل بنفسه إلى المسجد، فإذا قدم المفروش وتأخر هو فقد خالف الشريعة من وجهين: من جهة تأخره وهو مأمور بالتقدم. ومن جهة غصبه لطائفة من المسجد، ومنعه السابقين إلى المسجد أن يصلوا فيه، وأن يتموا الصف الأول فالأول، ثم إنه يتخطى الناس إذا حضروا. وفي الحديث (الذي يتخطى رقاب الناس، يتخذ جسراً إلى جهنم) (٣) وقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اجلس فقد آذيت) (٤).

ثم إذا فرش هذا فهل لمن سبق إلى المسجد أن يرفع ذلك ويصلي موضعه؟ فيه قولان:

أحدهما: ليس له ذلك لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه.

والثاني: وهو الصحيح أن لغيره رفعه، والصلاة مكانه؛ لأن هذا السابق يستحق الصلاة في ذلك الصف المقدم، وهو مأمور بذلك أيضاً، وهو لا يتمكن من فعل هذا المأمور واستيفاء هذا الحق إلا برفع ذلك المفروش وما لا يتم المأمور إلا به فهو مأمور به.


(١). أخرجه مسلم (٤٣٠)، أحمد (٢٠٥١٩)، أبو داود (٦٦١)، النسائي (٨١٦)، ابن ماجه (٩٩٢)
(٢). رواه البخاري (٦١٥)، مسلم (٤٣٧)، أحمد (٧١٨٥)، الترمذي (٢٢٥)، النسائي (٥٤٠)،مالك (١٥١)
(٣). رواه أحمد (١٥١٨٢)، والترمذي (٥١٣)، وابن ماجة (١١٢٦) وقال الألباني: ضعيف.
(٤).رواه أحمد (١٧٢٢١) والنسائي (١٣٩٩) وأبو داود (١١١٨) وابن ماجه (١١٢٥) وصحح الألباني روايتي أبو داود وابن ماجه (٩٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>