للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضاً فذلك المفروش وضعه هناك على وجه الغصب، وذلك منكر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسيلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) (١). لكن ينبغي أن يراعى في ذلك أن لا يؤول إلى منكر أعظم منه، والله تعالى أعلم (٢).

(٦) التفسح في المجالس:

قال تعالى: (يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسّحُواْ فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُواْ يَفْسَحِ اللّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُواْ فَانشُزُواْ يَرْفَعِ اللّهُ الّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [المجادلة: ١١]

(هذا أدب من الله لعباده، إذا اجتمعوا في مجلس من مجالس مجتمعاتهم، واحتاج بعضهم، أو بعض القادمين للتفسح له في المجلس، فإن من الأدب، أن يفسحوا له، تحصيلاً لهذا المقصود. وليس ذلك بضار الفاسح شيئاً، فيحصل مقصود أخيه، من غير ضرر يلحقه. والجزاء من جنس العمل، فإن من فسح لأخيه، فسح الله له، ومن وسع لأخيه، وسع الله عليه. {وإذا قيل انشزوا} أي: ارتفعوا وتنحوا عن مجالسكم، لحاجة تعرض. {فانشزوا} أي: فبادروا للقيام، لتحصيل تلك المصلحة. فإن القيام بمثل هذه الأمور من العلم والإيمان. قاله ابن سعدي (٣).

(٧) لا يَجْلَس بين رجلين إلا بإذنهما:

وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة:

((حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيح أبي داوود) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لا يُجْلَس بين رجلين إلا بإذنهما.

وهذا أدب نبوي عظيم، وهو منع الرجل أن يجلس بين اثنين إلا بإذنهما، والعلة في ذلك؛ أنه قد يكون بينهما محبة ومودة وجريان سر وأمانه فيشق عليهما التفريق بجلوسه بينهما، قاله في عون المعبود (٤).

(٨) يجلس حيث ينتهي:

وهذا ثابتٌ من فعل الصحابة وإقرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهم.

وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة:

((حديث جابر بن سمُرة الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) قال: كنا إذا أتينا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يجلسُ أحدنا حيث ينتهي.


(١). رواه مسلم (٤٩)، أحمد (١٠٦٨٩)، الترمذي (٢١٧٢)، النسائي (٥٠٠٨)، أبو داود (١١٤٠)، ابن ماجه (١٢٧٥)
(٢). مجموع الفتاوى (٢٢/ ١٨٩ - ١٩١)
(٣). تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (٧/ ٣١٦)
(٤). المجلد السابع (١٣/ ١٣٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>