للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب: قال بعض العلماء أن النهي منسوخ بفعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ورد ذلك ابن حجر، بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال (١). قلت: ولا بد من معرفة المتقدم من المتأخر. وجمع النووي وغيره فقال: ويحتمل أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعله لبيان الجواز، وأنكم إذا أردتم الاستلقاء فليكن هكذا، وأ، النهي الذي نهيتكم عن الاستلقاء ليس على الإطلاق بل المراد به من ينكشف شيء من عورته أو يقارب انكشافها والله أعلم (٢). ويؤيد هذا القول بأن فعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لبيان الجواز ... لا أنه مختصٌ به، هو ما ثبت عند البخاري - بعد إيراده حديث عباد بن تميم عن عمه- قال: وعن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر وعثمان يفعلان ذلك (٣). فلما كان بعض الصحابة يفعلون ذلك، دل ذلك على أن فعله صلى الله عليه وآله وسلم كان لبيان الجواز، ولكن مع الأمن من انكشاف العورة، والله أعلم.

(١٢) النهي عن كثرة الضحك:

ليس من المروءة ولا الأدب أن يكون الضحك هو الغالب على المجلس، فقليله يبعث في النفس النشاط ويروح عنها، وكثيره داءٌ يميت القلب،

((حديث أبي هريرة الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: اتق المحارم تكن أعبد الناس و ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس و أحسن إلى جارك تكن مؤمنا و أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما و لا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب.

((حديث أبي هريرة في صحيح ابن ماجة) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: يا أبا هريرة كن ورعا تكن أعبد الناس وكن قنعا تكن أشكر الناس وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا وأحسن جوار من جاورك تكن مسلما وأقل الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب، وتأمل في الأحاديث الآتية بعين البصيرة

((حديث جابر بن سمرة الثابت في صحيح الترمذي) قال كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طويل الصمت قليل الضحك.

(١٣) كراهية التجشؤ (٤) بحضرة الآخرين:

وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة:


(١). انظر فتح الباري (١/ ٦٧١)
(٢). مسلم بشرح النووي. المجلد السابع (١٤/ ٦٥)
(٣). البخاري (٤٧٥)
(٤). في اللسان: التجشؤ: تنفس المعدة عند الامتلاء. وجشأت المعدة وتجشأت: تنفست، والاسم الجشاء. (١/ ٤٨) مادة (جشأ)

<<  <  ج: ص:  >  >>