للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(والنهي مقيد بما إذا كان القوم كارهون لذلك، ويخرج بذلك ما إذا كانوا راضين به، ويخرج أيضاً إذا كان كلامهم جهراً يُسمع من حولهم، لأنهم لو أرادوا إخفاءه لم يجهروا به (١).

(١١) الجلوس المنهي عنه:

ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى عن الجلوس، في هيئات معينة، وفي أحوال مخصوصة، وهذه الهيئات والأحوال، منها ما علمنا علتها عن طريق السمع، ومنها ما كان طريق الاجتهاد والنظر.

فهيئة الجلوس المنهي عنها: أن يضع الرجل يده اليسرى خلف ظهره ويتكئ على لحمة يده اليمنى التي في أصل الإبهام (٢).

((حديث الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود) قَالَ

مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا جَالِسٌ هَكَذَا وَقَدْ وَضَعْتُ يَدِيَ الْيُسْرَى خَلْفَ ظَهْرِي وَاتَّكَأْتُ عَلَى أَلْيَةِ يَدِي فَقَالَ أَتَقْعُدُ قِعْدَةَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ.

(وأما الحال التي ينهى عنها، وهي جلوس الرجل بين الشمس والظل.

((حديث بريدة رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن ماجه) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يُقْعَدَ بَيْنَ الظِّلِّ وَالشَّمْسِ.

(والعلة في ذلك؛ أنه مجلس الشيطان. جاء مصرحاً بذلك في الحديث الآتي:

((حديث أبي عياض عن رجل من أصحاب النبي الثابت في السلسلة الصحيحة) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ أن يجلس بين الضح والظل، وقال مجلس الشيطان.

مسألة: ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث جابر بن عبد الله، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (لا يستلقين أحدكم ثم يضع إحدى رجليه على الأخرى) (٣). وثبت أيضاً في الصحيحين وغيرهما، من حديث عباد بن تميم عن عمه، أنه أبصر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضطجع في المسجد رافعاً إحدى رجليه على الأخرى) (٤). والحديثان ظاهرهما التعارض، فكيف الجمع بينهما؟


(١). انظر فتح الباري (١٢/ ٤٤٧)
(٢). انظر عون المعبود. المجلد السابع (١٣/ ١٣٥)
(٣). رواه مسلم (٢٠٩٩)، وأحمد (١٣٧٦٦)، والترمذي (٢٧٦٧)
(٤). البخاري (٥٩٦٩) واللفظ له، ومسلم (٢١٠٠)، وأحمد (١٥٩٩٥)، والترمذي (٢٧٦٥)، والنسائي (٧٢١)، وأبو داود (٤٨٦٦)، ومالك (٤١٨)، والدارمي (٢٦٥٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>