للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية ابن أبي شيبة: (لئلا يعرض لنا في صلاتنا) (١).

وليس هذا الأمرُ خاصاً بالعشاء وحده إنما هو في كل طعام تتشوف النفس إليه، ويؤيد ذلك نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الصلاة بحضرة الطعام، وعند مدافعة الأخبثان، والعلة ظاهرة في الحديث الآتي:

(حديث عائشة الثابت في صحيح مسلم) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ.

{فائدة}: قال بعض العلماء: من حضر طعامه ثم أقيمت الصلاة، فإنه ينبغي عليه أن يأكل لقيمات يكسر بها سورة الجوع. ورد ذلك النووي فقال: وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ولا يعجلن حتى يفرغ منه) دليل على أنه يأكل حاجته من الأكل بكماله، وهذا هو الصواب، وأما ما تأوله بعض أصحابنا على أنه يأكل لقماً يكسر بها شدة الجوع فليس بصحيح وهذا الحديث صريحٌ في إبطاله (٢).

مسألة: إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة، فهل يجب الأكل منه للظاهر الحديث، أم أن ذلك على الاستحباب؟

الجواب: فعل ابن عمر-رضي الله عنهما- في رواية أحمد وغيره، يدل على تقديم الأكل مطلقاً، ومن أهل العلم من قيد ذلك بتعلق النفس وتشوفها إلى الطعام، فإن كانت نفسه تتوق إلى الطعام فإن الأولى في حقه أن يصيب منه حتى يقبل على صلاته وهو خاشع، ومن ذلك قول أبي الدرداء-رضي الله عنه- من فقه المرء إقباله على حاجته حتى يُقبل على صلاته وقلبه فارغ (٣). والمختار من ذلك ما ذكره الحافظ ابن حجر- فإنه بعد أن ساق أثر ابن عباس، وأثر الحسن ابن علي: (العشاء قبل الصلاة يذهب النفس اللوامة) قال: وفي هذا كله إشارة إلى أن العلة في ذلك تشوف النفس إلى الطعام، فينبغي أن يدار الحكم مع علته وجوداً وعدماً ولا يتقيد بكل أو بعض (٤).

(٢٥) الأكل مما يلي الآكل:


(١). فتح الباري (٢/ ١٨٩)
(٢). مسلم بشرح النووي. المجلد الثالث (٥/ ٣٨)
(٣). علقه البخاري في كتاب الأذان. باب: إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة. وهذا الأثر وصله ابن المبارك في كتاب الزهد. وأخرجه محمد بن نصر المروزي في كتاب تعظيم قدر الصلاة من طريقه. قاله ابن حجر. فتح الباري (٢/ ١٨٧)
(٤). فتح الباري (٢/ ١٨٩ - ١٩٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>