للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حديث عمر بن أبي سلمى رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا غُلَامُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ.

وعلة النهي في ذلك: لأن الأكل من موضع أيدي الناس فيه سوء أدب، وقد يتقذر الآكلين من هذا الفعل ـ وهو الغالب ـ. لكن قد يعترض علينا معترضٌ فيقول: ما تقولون في حديث أنس قال: إن خياطاً دعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لطعام صنعه فذهبت مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقرب خبز شعير ومرقاً فيه دباءٌ وقديدٌ رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتتبع الدباء من حوالي القصعة (١). والجواب عن هذا الاعتراض أنه لا تعارض بين الحديثين، ونقول: ما قاله ابن عبد البر: إن المرق والادام وسائر الطعام، إذا كان فيه نوعان أو أنواع، فلا بأس أن تجول اليد فيه، للتخير مما وضع على المائدة ... ثم قال- معلقاً على قوله: (وكل مما يليك) -: وإنما أمره أن يأكل مما يليه، لأن الطعام كله كان نوعاً واحداً، والله أعلم. كذا فسره أهل العلم (٢). وبهذا يتضح الجمع بين الحديثين -والله الموفق-.

(٢٦) استحباب الأكل بعد ذهاب حرارته:

(حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما الثابت في السلسلة الصحيحة) أنها كانت إذا ثردت (٣) غطته شيئاً حتى يذهب فوره، ثم تقول: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: (إنه أعظم للبركة).


(١). البخاري (٥٤٣٦) واللفظ له، مسلم (٢٠٤١)، أحمد (١٢٢١٩)، الترمذي (١٨٥٠)، أبو داود (٣٧٨٢)، مالك (١١٦١)، الدارمي (٢٠٥٠). والدباء هو القرع، وجاء مصرحاً به في رواية أحمد. قال: (قُدمت إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قصعةٌ فيها قرع، قال: وكان يعجبه القرع، قال: فجعل يلتمس القرع بأصبعه أو قال بأصابعه). والقديد: هو اللحم المملح المجفف بالشمس.
(٢). التمهيد (١/ ٢٧٧)
(٣). أي صنعت ثريداً.

<<  <  ج: ص:  >  >>