للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: النهي عن مس الدبر عند التغوط أولى من النهي عن مس الذكر عند التبول. فهو قياس الأولى، ولعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبه بالأخف اكتفاءً به للدلالة على الأشد، لا سيما وأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كان أشد حياءً من العذراء في خدرها) (١). ولا يرد علينا أن الحياء يمنع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من تبليغ الدين؛ لأن البلاغ حصل بذكر الأخف تنبيهاً على الأشد، والله أعلم.

مسألة: قال طلق بين حبيب-رضي الله عنه- قدمنا على نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجاء رجل كأنه بدوي فقال: يا نبي الله، ما ترى في مس الرجل ذكره بعد ما يتوضأ، فقال: (هل هو إلا مُضغةٌ منه) أو قال: (بضعةٌ منه) (٢). والسؤال هنا: إن ظاهر حديث طلق يدل على إباحة مس الذكر في جميع الأحول، فما الجمع بينه وبين حديث أبي قتادة؟

الجواب: أنه لا تعارض بينهما فحديث طلق -رضي الله عنه- مطلق، وحديث أبي قتادة-رضي الله عنه- مقيد في حال البول. قال ابن أبي جمرة: [قوله]: (إنما هو بضعةٌ منك) فدل على الجواز في كل حال، فخرجت حالة البول بهذا الحديث الصحيح وبقي ما عداها على الإباحة (٣).

(٩) الاستنجاء والاستجمار (٤):

من محاسن الشريعة، أنها جاءت باليسر والتخفيف، ورفع الحرج عند المشقة وعدم الاستطاعة، قال تعالى: (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [البقرة: ١٨٥].


(١). رواه البخاري (٣٥٦٢)، ومسلم (٢٣٢٠)، وأحمد (١١٢٨٦)، وابن ماجه (٤١٨٠)
(٢). رواه أبو داود (١٨٢) قال ابن حجر: والحديث صحيح أو حسن (فتح الباري ١/ ٣٠٦) وصححه الألباني، أحمد (١٥٨٥٧)، والترمذي (٨٥)، وابن ماجه (٤٨٣).
(٣). فتح الباري (١/ ٣٠٦)
(٤).الاستنجاء: الاغتسال بالماء من النجو والتمسح بالحجارة منه ... وقال الزجاج: الاستنجاء: التنظف بمدر أو ماء. واستنجى أي مسح موضع النجو أو غسله. (لسان العرب ١٥/ ٣٠٦) مادة: (نجا).
الاستجمار: قال أبو زيد: الاستجمار: الاستنجاء بالحجارة، وقيل: هو الاستنجاء، واستجمر واستنجى واحد إذا تمسح بالجمار، وهي الأحجار الصغار، ومنه سميت جمار الحج للحصى التي ترمى بها. (اللسان: ٤/ ١٤٧) مادة: (جمر).

<<  <  ج: ص:  >  >>