للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن التيسير الذي منَّ الله به على المكلفين أن أباح لهم التنظف بالأحجار و نحوها كالأوراق والمناديل وشبهها بعد الفراغ من تخليهم واستطابتهم، وهو يقوم مقام الماء في التطهير، ولا شك أن هذا من التيسير لأن الماء غير مقدور عليه في كل الأحوال، وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة:

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) قَالَ: اتَّبَعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَرَجَ لِحَاجَتِهِ فَكَانَ لَا يَلْتَفِتُ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقَالَ ابْغِنِي أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضْ (١) بِهَا أَوْ نَحْوَهُ وَلَا تَأْتِنِي بِعَظْمٍ وَلَا رَوْثٍ فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ بِطَرَفِ ثِيَابِي فَوَضَعْتُهَا إِلَى جَنْبِهِ وَأَعْرَضْتُ عَنْهُ فَلَمَّا قَضَى أَتْبَعَهُ بِهِنَّ.

{تنبيه}: الاستنجاء قد يكون بالماء، وقد يكون بالأحجار، وقد يكون بهما جميعاً. أما الأول والثاني فقد وردت فيهما آثاراً صحيحة، وأما الثالث: [فـ] هذا لا أعلمه وارداً عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لكن من حيث المعنى لا شك أنه أكمل تطهيراً، قاله ابن عثيمين (٢).

(١٠) كراهية الاستجمار بالعظم والروث:

لما أباح الله على لسان نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، استعمال الأحجار ونحوها عوضاً عن الماء في التنظيف، منعهم من استعمال الروث العظم لمعاني فيها، إما على جهة التعبد أو أنها ليست لها خاصية التطهير كما في الأحجار وشبهها، وتأمل في الأحاديث الآتية بعين البصيرة

(حديث ابن مسعود الثابت في صحيح مسلم) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَا تَسْتَنْجُوا بِالرَّوْثِ وَلَا بِالْعِظَامِ فَإِنَّهُ زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنْ الْجِنِّ.

(حديث سلمان الفارسي الثابت في صحيح مسلم) أَنَّهُ قِيلَ لَهُ قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ قَالَ فَقَالَ أَجَلْ لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ بِعَظْمٍ.


(١). قال ابن منظور: وفي الحديث: ابغني أحجاراً استنفض بها. أي استنجي بها، وهو من نفض الثوب لأن المستنجي ينفض عن نفسه الأذى بالحجر أي يزيله ويدفعه. (اللسان: ٧/ ٢٤١) مادة: (نفض)
(٢). الشرح الممتع (١/ ١٠٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>