للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب: لا شك أن عورة المرأة مع المرأة تكون من السرة إلى الركبة، ولكن هذا مشروطٌ بالأمن من الفتنة، وواقع كثير من النساء اليوم أنهن تجاوزن الحد في ستر عوراتهن (١)، بل أدى الحال إلى افتتان بعض النساء ببعض، ولهن في ذلك قصص معلومة علمها من علمها وجهلها من جهلها. وليس مجمع النساء عذرٌ في لبس ما يحلو للمرأة لبسه، بل متى كان داعياً للفتنة ومحركاً للغرائز فإنه يحرم ولو كان ذلك بين أوساط النساء. وللشيخ ابن عثيمين كلامٌ في لبس الضيق من اللباس، يحسن بنا أن نذكره، فقال (٢): لبس الملابس الضيقة التي تبين مفاتن المرأة وتبرز ما فيه الفتنة محرم، لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد، رجالٌ معهم سياط كأذناب البقر، يضربون بها الناس-يعني ظلماً وعدواناً-. ونساء كاسيات عاريات ما ئلات مميلات) (٣). فقد فسر قوله: (كاسيات عاريات) بأنهن يلبسن ألبسة قصيرة لا تستر ما يجب ستره من العورة، وفُسر بأنهن يلبسن ألبسة تكون خفيفة لا تمنع من رؤية ما وراءها من بشرة المرأة، وفُسرت بأن يلبسن ملابس ضيقة فهي ساترة عن الرؤية لكنها مبدية لمفاتن المرأة، وعلى هذا فلا يجوز للمرأة أن تلبس هذه الملابس الضيقة إلا لمن يجوز لها إبداء عورتها عنده وهو زوجها فإنه ليس بين الزوج وزوجته عورة لقول الله تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين}، وقالت عائشة: (كنت أغتسل أنا والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إناء واحد تختلف أيدينا فيه) (٤). فالإنسان بينه وبين زوجته لا عورة بينهما، وأما بين المرأة والمحارم فإنه يجب عليها أن تستر عورتها، والضيق لا يجوز عند المحارم ... ولا عند النساء إذا كان ضيقاً شديداً يبين مفاتن المرأة (٥).


(١). وأخبارهن لا تسر المؤمن، وننزه أسماعكم وأبصاركم عن إيرادها، ومن أراد معرفة ذلك فليسأل النساء فعندهن الكثير من أخبارهن، والله المستعان.
(٢). ويقاس عليه الملابس الشفافة، والعارية من باب أولى.
(٣). رواه مسلم (٢١٢٨)، وأحمد (٨٤٥١)، ومالك (١٦٩٤). وتمامه عند مسلم: (رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ... ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا).
(٤). رواه البخاري (٢٦١)، ومسلم (٣١٦) وغيرهما.
(٥). فتاوي الشيخ محمد بن عثيمين (٢/ ٨٢٥ - ٨٢٦). ط. دار عالم الكتب - الرياض- الطبعة الأولى ١٤١١هـ

<<  <  ج: ص:  >  >>