للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي لا ينبغي ولا يليق، من اتصف بالإيمان إلا الإسراع في مرضاة الله ورسوله، والهرب من سخط الله ورسوله، وامتثال أمرهما، واجتناب نهيهما: فلا يليق بمؤمن ولا مؤمنة {إِذَا قَضَى اللّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً} من الأمور، وحتماً به وألزما به {أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} أي: الخيار، هل يفعلونه أم لا؟. بل يعلم المؤمن والمؤمنة أن الرسول أولى به من نفسه، فلا يجعل بعض أهواء نفسه حجاباً بينه وبين أمر الله ورسوله، قاله ابن سعدي (١).

وتأمل في الحديثين الآتيين بعين البصيرة

(ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ.

زَادَ الْبُخَارِيُّ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا حَجَّ وَاعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ.

(حديث زيد بن أرقم الثابت في صحيحي الترمذي والنسائي) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ فَلَيْسَ مِنَّا.

والأمر بتوفير اللحى وجز الشوارب اجتمع فيه أمران:

الأول: أمر الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الواجب الذي لا صارف له، والذي لا يجوز لمسلم بحال مخالفته.

الثاني: الأمر بمخالفة المشركين، وقد عُلم من نصوص الشرع أن التشبه بهم محرم. ولذا كان لزاماً على المسلم أن ينصاع لأمر الله ورسوله ولا يخالف أمرهما حتى لا يقع في الفتنة أو يناله العذاب الأليم قال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور: ٦٣]

ولبعض أهل العلم كلامٌ في الأخذ من اللحية طولاً وعرضاً، تمسكاً بآثار عن السلف الكرام، ولكن الألفاظ التي وردت عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صريحةٌ تُغني عنها، والحجة في كلام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا في كلام أو فعل أصحابه وأتباعه.

والمختار ترك اللحية على حالها، وأن لا يتعرض لها بتقصير أصلاً، والمختار في الشارب ترك الاستئصال والاقتصار على ما يبدو به طرف الشفة والله أعلم، قاله النووي (٢).

(٥) النهي عن نتف الشيب:


(١). تفسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان. (٦/ ٢٢٢ - ٢٢٣)
(٢). شرح صحيح مسلم. المجلد الثاني (٣/ ١٢٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>