للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجود حالته بعد هيجان الغضب هل سينصفك عند الغضب أم الله، هذا هو فصل الخطاب في معدن الإخوان، فمن لم ينصفك عند غضبه لم تودك أيامه.

أورد ابن حبان رحمه الله تعالى في روضة العقلاء عن عوانة بن الحكم قال: قال لقمان لابنه يا بني إذا أردت أن تواخي رجلا فأغضبه قبل ذلك فإن أنصفك عند غضبه وإلا فدعه.

أورد ابن حبان رحمه الله تعالى في روضة العقلاء عن سفيان قال أصحب من شئت ثم أغضبه ثم دس إليه من يسأله عنك.

(٢) اختيار الصحبة الصالحة:

إن اختيار الصحبة الصالحة من أهم الآداب التي يجب على المسلم أن يعتني بها اهتماماً بالغاً لأن الطباع سَرَّاقة والناس مجبولون على تقليد بعضهم البعض، والمرء على دين خليله بنص السنة الصحيحة، وتأمل في الأحاديث الآتية بعين البصيرة

(حديث أبي هريرة الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ.

والمعنى: أن الإنسان على عادة صاحبه وطريقته وسيرته، فليتأمل ويتدبر (من يخالل) فمن رضي دينه وخلقه خالله ومن لا تجنبه، فإن الطبع سراقه، قاله في عون المعبود (١)

(حديث أبي سعيد الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ.

و لا يأكل طعامك إلا تقي.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير.

[لا تصاحب إلا مؤمناً]: وكامل الإيمان أولى لأن الطباع سراقة، ومن ثم قيل صحبة الأخيار تورث الخير وصحبة الأشرار تورث الشر كالريح إذا مرت على النتن حملت نتناً، وإذا مرت على الطيب حملت طيباً.

[ولا يأكل طعامك إلا تقي]: لأن المطاعمة توجب الألفة وتؤدي إلى الخلطة بل هي أوثق عرى المداخلة ومخالطة غير التقي يخل بالدين ويوقع في الشبه والمحظورات فكأنه ينهى عن مخالطة الفجار إذ لا تخلو عن فساد إما بمتابعة في فعل أو مسامحة في إغضاء عن منكر فإن سلم من ذلك ولا يكاد فلا تخطئه فتنة الغير به وليس المراد حرمان غير التقي من الإحسان لأن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أطعم المشركين وأعطى المؤلفة المئين بل يطعمه ولا يخالطه.


(١). شرح سنن أبي داود. المجلد السابع (١٣/ ١٢٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>