للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنهي في المصاحبة يشمل النهي عن مصاحبة أهل الكبائر والفجور، لأنهم ارتكبوا ما حرم الله، ومصاحبتهم تضر بالدين، ويشمل النهي عن مصاحبة الكفار والمنافقين من باب أولى. وقوله: (ولا يأكل طعامك إلا تقي). قال الخطابي: إنما جاء هذا في طعام الدعوة دون طعام الحاجة، وذلك لأن الله سبحانه قال: (وَيُطْعِمُونَ الطّعَامَ عَلَىَ حُبّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) [الإنسان: ٨] ومعلوم أن أسراءهم كانوا كفاراً غير مؤمنين ولا أتقياء، وإنما حذر عليه السلام من صحبة من ليس بتقي وزجر عن مخالطته ومؤاكلته، فإن المطاعمة توقع الألفة والمودة في القلوب (١).

ورفيق السوء وجليس السوء مضرته متحققة لا محالة مهما كانت وسائل التحرز، بنص السنة الصحيحة كما في الحديث الآتي:

(حديث أبي موسى الثابت في الصحيحين) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير.

بين به النهي عن مجالسة من يتأذى به ديناً أو دنيا والترغيب فيمن ينتفع بمجالسته فيهما وجواز بيع المسك وطهارته.


(١). عون المعبود بشرح سنن أبي داود. المجلد السابع ((١٣١٢٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>