للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذم الله تعالى التكاثر في متاع الدنيا وعدّه من الملهيات: " قال تعالى: (أَلْهَاكُمُ التّكّاثُرُ * حَتّىَ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) [التكاثر ١، ٢] وهكذا يفلح من قنع بما آتاه الله تعالى وكان رزقه كفافا على قدر حاجته، وسطا بين الغنى والفقر، وهو أفضل من كليهما، لأن خير الأمور أوسطها، فرب غني ألهاه غناه عن معرفة ربه ورب فقير شغله فقره وإكتساب قوته عن عبادة ربه.

سوء عاقبة الطامعين:

يحكى أن ثلاثة رجال ساروا في طريق فعثروا على كنز، واتفقوا على تقسيمه بينهم بالتساوي، وقبل أن يقوموا بذلك أحسوا بالجوع الشديد، فأرسلوا أحدهم إلى المدينة ليحضر لهم طعامًا، وتواصوا بالكتمان، حتى لا يطمع فيه غيرهم، وفي أثناء ذهاب الرجل لإحضار الطعام حدثته نفسه بالتخلص من صاحبيه، وينفرد هو بالكنز وحده، فاشترى سمًّا ووضعه في الطعام، وفي الوقت نفسه، اتفق صاحباه على قتله عند عودته؛ ليقتسما الكنز فيما بينهما فقط، ولما عاد الرجل بالطعام المسموم قتله صاحباه، ثم جلسا يأكلان الطعام؛ فماتا من أثر السم .. وهكذا تكون نهاية الطامعين وعاقبة الطمع.

*أُهْدِيَتْ إلى السيدة عائشة -رضي الله عنها- سلالا من عنب، فأخذت تتصدق بها على الفقراء والمساكين، وكانت جاريتها قد أخذت سلة من هذه السلال وأخفتها عنها، وفي المساء أحضرتها، فقالت لها السيدة عائشة -رضي الله عنها-: ما هذا؟ فأجابت الجارية: ادخرتُه لنأكله. فقالت السيدة عائشة -رضي الله عنها-: أما يكفي عنقود أو عنقودان؟

*كان سلمان الفارسي -رضي الله عنه- واليا على إحدى المدن، وكان راتبه خمسة آلاف درهم يتصدق بها جميعًا، وكان يشتري خوصًا بدرهم، فيصنع به آنية فيبيعها بثلاثة دراهم؛ فيتصدق بدرهم، ويشتري طعامًا لأهله بدرهم، ودرهم يبقيه ليشتري به خوصًا جديدًا.

تعريف القناعة:

"القناعة هي الرضا بما قسم الله، ولو كان قليلا"، وهي عدم التطلع إلى ما في أيدي الآخرين، وهي علامة على صدق الإيمان.

قال الشوكاني رحمه الله في السلوك الإسلامي القويم:

فهي في اللغة: الرضا بالقسم، فمن رضي بما قسم له فقد قنع؛ لأن من تيقن أن ذلك بتقدير الخالق الرازق، وأن ليس في قدره فعند الزيادة عليه طاب عيشه وزال همه وكان كما قيل.

أَمْطِري لُؤلُؤاً جِبالَ سَرَنْدي ... بَ وفيضي آبارَ تَكْرورَ تِبْرا

أَنا إنْ عِشْتُ لَسْتُ أَعْدَمُ قوتاً ... وَإذا مِتُّ لَسْتُ أَعُدَمُ قَبْرا

<<  <  ج: ص:  >  >>