وهي نظرة بعيدة الغور تصدر عن إيمان عميق وتجارب اصطلى بنارها، ومعاناةٍ عملية لأخلاق أهل الإيمان التي لم يكن يدع أن يذكر بها رحمه الله ويريد للمسلم أن تكون برقع سلوكه في الحياة. أما وقد أكرمه الله بما أكرمه من العلم والعمل. فلا بدع أن تتفجر ينابيع الحكمة على لسانه.
كلامه بريد لبنى مروان:
عن المطلب بن السائب قال كنت جالسا مع سعيد بن المسيب بالسوق فمر بريد لبنى مروان فقال له سعيد من رسل بنى مروان أنت؟ قال نعم قال فكيف تركتهم؟ قال بخير قال تركتهم يجيعون الناس ويشبعون الكلاب؟ قال فاشرأب الرسول فقمت إليه فلم أزل أرجيه حتى انطلق ثم قلت لسعيد يغفر الله لك تشيط بدمك بالكلمة هكذا تليقها قال اسكت يا أحمق فو الله لا يسلمني الله ما أخذت بحقوقه.
موقفه حينما دُعِيَ للبيعة للوليد وسليمان بعد عبد الملك بن مروان:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن عمران بن عبد الله، قال: دُعِيَ سعيد بن المسيب للبيعة للوليد وسليمان بعد عبد الملك بن مروان، قال: فقال: لا أبايع اثنين ما اختلف الليل والنهار، قال: فقيل: أدخل من الباب وأخرج من الباب الآخر، قال: والله لا يقتدي بي أحد من الناس، قال: فجلده مائة وألبسه المُسوح.
إنكاره على جابر بن السود:
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن عبد الواحد بن أبي عون، قال: كان جابر بن الأسود عامل ابن الزبير على المدينة قد تزوَّج الخامسة قبل انقضاء عدة الرابعة، فلما ضرب سعيد بن المسيب صاح به سعيد والسياط تأخذه: والله ما ربَّعْتَ على كتاب الله، وإنك تزوجت الخامسة قبل انقضاء عدة الرابعة، وما هي إلا ليال فاصنع ما بدا لك، فسوف يأتيك ما تكره. فما مكث إلا يسيرا حتى قُتِل ابن الزبير.
إنكاره على الحجاج لما كان لا يتم ركوع الصلاة ولا سجودها:
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن علي بن زيد بن جدعان، قال: قيل لسعيد بن المسيب: ما شأن الحجاج لا يبعث إليك ولا يهيجك ولا يؤذيك، قال: والله لا أدري غير أنه صلى ذات يوم مع أبيه صلاة فجعل لا يتم ركوعها ولا سجودها فأخذت كفاً من حصباء فحصبته بها. قال الحجاج: فما زلت أحسن الصلاة.
موقفه من عبد الملك بن مروان:
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن عمران بن عبد الله -من أصحاب سعيد بن المسيب: ما علمت فيه لينا. قلت: كان عند سعيد بن المسيب أمر عظيم من بني أمية وسوء سيرتهم، وكان لا يقبل عطاءهم.