[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن يحيى بن يحيى الليثي قال كنا عند مالك فاستؤذن لعبد الله بن المبارك بالدخول فإذن له فرأينا مالكا تزحزح له في مجلسه ثم أقعده بلصقه وما رأيت مالكا تزحزح لأحد في مجلسه غيره فكان القارئ يقرأ على مالك فربما مر بشيء فيسأله مالك ما مذهبكم في هذا أو عندكم في هذا فرأيت ابن المبارك يجاوبه ثم قام فخرج فأعجب مالك بأدبه ثم قال لنا مالك هذا ابن المبارك فقيه خراسان.
مكانة ابن المبارك عند سفيان ابن عيينة:
أما منزلته عند ابن عيينة فهي شيء فوق ذلك كله؛
[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن ابن عيينة قال: "نظرت في أمر الصحابة فما رأيت لهم فضلاً على ابن المبارك إلا بصحبتهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغزوهم معه".
(٢) حرص ابن المبارك طلب العلم ونشره:
كان رحمه الله تعالى ذا همةٍ عاليةٍ تناطح السحاب في طلب العلم فكان علمه واسعاً مباركا كالغيث من السماء أينما حل نفع، لا يشق له غبار في غزارة علمه ودقة استنباطه للفوائد والأحكام وسعة فقهه ومعرفته بأسرار اللغة العربية وبلاغتها، ارتحل ابن المبارك إلى الحرمين والشام ومصر والعراق والجزيرة وخراسان.
لقد أثمرت رحلات ابن المبارك لأنه قد ارتسم لنفسه منهاجًا يسير عليه، فلم يكن همه من ارتحاله جمع العلم مهما كان مصدره، بل كان التحقق من مصدره أساس منهجه؛ فقد سأله أبو إسحاق قائلاً:"يا أبا عبد الرحمن الحديث الذي جاء إن من البر بعد البر أن تصلي لأبويك مع صلاتك وتصوم لهما مع صومك. فقال عبد الله: يا أبا إسحاق عن من هذا؟ قال: قلت: هذا من حديث شهاب بن خراش. قال: ثقة عن من قال؟ قلت: عن الحجاج بن دينار. قال: ثقة قال: عن من؟ قلت: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: يا أبا إسحاق إن بين الحجاج بن دينار وبين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مفاوز تنقطع فيها أعناق المطي ولكن ليس في الصدقة اختلاف".