للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توضيح موقف ابن المبارك رحمه الله تعالى:

الهاشمي هذا شريف من الأشراف السادة، جاء والطلاب فقراء عند ابن المبارك، فأراد هذا الشريف أن يأخذ ابن المبارك في مجلس خاص ويحدثه بالحديث، قال ابن المبارك: لا. أنا لا أحدثك وحدك، اجلس مع الطلبة وأنا أحدثك معهم، فقام وقال: أنا استأذنك إذن، قال ابن المبارك: لا أعطيك، فخرج هذا الرجل الشريف، فأمسك ابن المبارك بركابه يهيء له الركاب لأنه من أسرة الرسول عليه الصلاة والسلام، وحق علينا أن نقدر الطائعين من أسرته عليه الصلاة والسلام، قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى [الشورى:٢٣] قال هذا الشريف: تمنعني من الحديث الآن وتهيء لي ركابي، قال: " أذل لك بدني ولا أذل العلم "

(٧) دعاء ابن المبارك عند ختم القرآن:

وكان ابن المبارك رحمه الله يعجبه إذا ختم القرآن أن يكون دعاؤه في السجود، فقد كان للسلف ختمات، ومعظم السلف يختمون القرآن في سبعة أيام، كانوا يحزبون القرآن، يجعلون لليوم الأول ثلاث سور، واليوم الثاني خمس سور، واليوم الثالث سبع، اليوم الرابع تسع سور، واليوم الخامس إحدى عشرة سورة، واليوم السادس ثلاث عشرة سورة، واليوم السابع من (ق) إلى (الناس) وهذا ترتيب وتجزئة للقرآن، فإن لم يستطيعوا ختموه في شهر، فكل يوم جزء وهو ثلاثون جزءاً، وما كانوا يتجاوزون الشهر، فكان ابن المبارك إذا ختم القرآن يجعل آخر ختمة في صلاة؛ فإذا وصل إلى (قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس) صلى ركعتين وختم فيها القرآن ودعا وابتهل لأنه يؤثر أن من أحوال إجابة الدعاء ختم القرآن.

[*] أورد الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن عبد الكريم السكري قال كان عبد الله يعجبه إذا ختم القرآن أن يكون دعاؤه في السجود.

(٨) رسالة ابن المبارك إلى الفضيل في الجهاد:

[*] روى الحافظ ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق عن محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة قال: أملي عليَّ عبد اللّه بن المبارك هذه الأبيات بطرسوس وأنشدها إلى الفضيل بن عياض في سنة سبعين ومائة:

يا عابد الحرمين لو أبصرتنا ... لعلمت أنك في العبادة تلعب

من كان يخضب خده بدموعه ... فنحورنا بدمائنا تتخضب

أو كان يتعب خيله في باطل ... فخيولنا يوم الصبيحة تتعب

ريح العبير لكم ونحن عبيرنا ... رهج السنابك والغبار الأطيب

<<  <  ج: ص:  >  >>