للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو عُمر: هذا أحسنُ حديثٍ يُروَى في فَضائل الأعمال وأعمُّها وأصحُّها إن شاء الله، وحَسْبُك به فضلًا؛ لأن العلمَ مُحيطٌ بأن من كان في ظلِّ الله يومَ القيامةِ لم يَنَلْ هَوْلَ الموقف. والظلُّ في هذا الحديث يُرادُ به الرَّحمة، والله أعلم. ومن رحمتِه الجنة، قال الله عزَّ وجلَّ: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} [الرعد: ٣٥]. وقال: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: ٣٠]. وقال: {ظِلَالٍ وَعُيُونٍ} [المرسلات: ٤١]. ورُوِيَ عن النبيِّ - صلي الله عليه وسلم - من حديثِ المقدادِ بنِ الأسودِ أنه قال: "تُدنى الشَّمْسُ يومَ القيامةِ من الخَلْقِ حتى تكونَ منهم على قِيدِ ميل - أو كمقدارِ ميل". قال: "فيكونُ الناسُ على قدرِ أعمالِهم في العَرَق، فمنهم من يكونُ فيه إلى كَعْبَيه، ومنهم من يكونُ فيه إلى رُكْبَتَيه، ومنهم من يكونُ فيه إلى حِقْوَيْه، ومنهم من يُلْجِمُه العرقُ إلجامًا". وأشار رسولُ الله - صلي الله عليه وسلم - بيدِه إلى فيه.

رواه يحيى بنُ حمزة (١) وبقيةُ بنُ الوليد (٢)، عن عبدِ الرحمنِ بنِ يزيدَ بنِ جابر،


(١) أخرجه مسلم (٢٨٦٤) (٦٢)، والطبراني في الكبير ٢٠/ ٢٥٥ (٦٠٢)، وفي مسند الشاميِّين (٥٧٣)، والبيهقي في شعب الإيمان ١/ ٢٤٣ (٢٥٨).
وهذا الحديث أورده ابن أبي حاتم في العلل ٥/ ٥٠٧، ٥٠٨ (٢١٤٣) وسأل أباه عنه، فأعلّه بقوله: "هذا خطأ، إنّما هو مقدام بن معدي كرب؛ وسُليم بن عامر لم يُدرك المقداد بن الأسود"، ومثل ذلك نقل عن أبيه في المراسيل ص ٨٥ (١٣٣)، وقال العلائيّ في جامع التحصيل ص ١٩١ (٢٦٤) بعد أن نقل قول أبي حاتم: "قلت: حديثه عن المقداد في صحيح مسلم، وكأنه على مذهبه"؛ يعني في عدم اشتراط اللقاء بين الراوي وشيخه؛ على مقتضى ما رُويَ عنه أنه أدرك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أو أصحابه، فقد رُوي عن شعبة بن الحّجاج، عن يزيد بن جبير، قال: سمعتُ سُليم بن عامر، وكان قد أدرك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قال المِزِّيُّ: "وفي رواية: وكان قد أدرك أصحاب النبيِّ - صلي الله عليه وسلم -، وهو الصحيح".
وأما رواية المقدام بن معدي كرب التي أشار إليها أبو حاتم وصوّبها فهي الآتية تلو هذا الحديث.
(٢) أخرجه الطبراني في الكبير ٢٠/ ٢٨١ (٦٦٦)، ولكن من طريق بقيّة بن الوليد، عن عمر بن جُعشُم، عن سُليم بن عامر، عن المقدام بن معدي كرب. وقال: "هكذا رواه عمر بن جعشم =

<<  <  ج: ص:  >  >>