للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ ثالثٌ لَزْيد بن أسْلَم متصلٌ صحيحٌ مُسند

مالك (١)، عن زيدِ بن أسلمَ، عن أبيه، أنَّه قال: سمِعتُ عمرَ بن الخطابِ وهو يقولُ: حمَلْتُ على فرسٍ عَتيقٍ في سبيلِ الله، وكان الرجلُ الذي هو عندَه قد أضاعَه، فأرَدْتُ أن أشْتَرِيَه منه، وظَنَنْتُ الله بائِعُه برُخْصٍ، فسألتُ عن ذلك رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: "لا تَشْتَره وإن أعطاكه بدرهم واحدٍ؛ فإنّ العائِدَ في صَدَقتِه كالكَلْبِ يَعُودُ في قَيْئهِ".

وروَى هذا الحديثَ ابن عُيينةَ، عن زيدِ بن أسلمَ، عن أبيهِ عن عمرَ مثلَه، وقال فيه: "لا تَشْتَرِهِ ولا شيئًا من نِتَاجِه". ذكَره الشافعيُّ (٢)، والحُميدِيُّ (٣)، عن ابن عُيينةَ.

قال أبو عُمر: الفرسُ العتِيقُ: هو الفارِهُ عندَنا، وقال صاحِبُ "العينِ": عَتَقَتِ الفرسُ تَعْتِقُ: إذا سبَقَت، وفرسٌ عَتيقٌ: رائعٌ.

وفي هذا الحديثِ من الفقهِ إجازَةُ تَحْبِيسِ الخَيْلِ في سبيلِ الله.

وفيه أنّ مَن حُمِل على فرسٍ في سبيل الله وغزَا به، فله أنْ يفعَلَ به بعدَ ذلك ما يفعَلُ في سائرِ مالِه (٤)، أَلَا تَرى أنّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُنكِرْ على بائعِه بَيْعَه، وأنكَر على عُمرَ شِراءَه، ولذلك قال ابن عمرَ: إذا بلَغْتَ به وادِيَ القُرَى فشأنَكَ


(١) الموطأ ١/ ٣٧٨ (٧٦٦).
(٢) في السنن المأثورة له (٣٨١)، ومن طريقه أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار ١٣/ ٢٠ (٥٠٢٢)، والبيهقي في معرفة السنن والآثار ٦/ ١٥٩ (٨٣٤٥).
(٣) مسند الحميدي (١٥)، وعنه البخاري في صحيحه (٢٦٣٦) و (٢٩٧٠).
(٤) في ق: "أنه له يفعل فيه ما يشاء في سائر ماله".

<<  <  ج: ص:  >  >>