للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ رابعٌ وعشرونَ لهشام بنِ عُروةَ

مالكٌ (١)، عن هشام بن عُروة، عن أبيه، عن عائشةَ، قالت: لما قَدِم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ وُعِكَ أبو بكرٍ وبلالٌ. قالت: فدخَلْتُ عليهما فقلت: يا أبتِ، كليف تَجِدُكَ؟ ويا بلال، كيف تَجِدُكَ؟ قالت: فكان أبو بكر إذا أخذَتْهُ الحُمّى يقول:

كلُّ امرئ مُصبَّحٌ في أهلِهِ ... والموتُ أدنَى من شِراكِ نَعْلِهِ

وكان بلالٌ إذا أُقلِع عنه يرفَعُ عقيرتَه ويقول:

ألا ليتَ شِعْري هل أبيتَنَّ ليلةً ... بوادٍ وحَوْلي إذخرٌ وجَلِيلُ

وهل أرِدَنْ يومًا مياهَ مَجَنَّةٍ ... وهل يَبْدُوَنْ لي شامَةٌ وطَفيلُ

قالت عائشة: فجئتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرتُه، فقال: "اللهُمَّ حَبِّبْ إلينا المدينةَ كحُبِّنا مكةَ أو أشدَّ، وصَحِّحْها، وبارِكْ لنا في صاعِها ومُدِّها، وانقُلْ حُمّاها واجعَلْها في الجُحفَة" (٢).

أمّا قولُه: "إذخِرٌ وجَليلُ" فهما نَبْتان من الكَلأ طيِّبا الرائحة، يكونان بمكةَ وأوديَتِها، لا يكادان يُوجَدان بغيرها.

و"شامةٌ وطَفيلُ" جبلان بمكة، وقيل: أحدُهما بجُدَّة، وقيل: بوادي فَخٍّ.

لم يختلِفْ رُواةُ "الموطأ" فيما علِمتُ عن مالكٍ في إسنادِ هذا الحديث ولا في مَتْنه (٣)، ولم يذكُرْ مالكٌ فيه قولَ عامر بن فُهَيْرة، وسائرُ رُواةِ هشام يذكُرونه


(١) الموطّأ ٢/ ٤٦٩ (٢٦٠٣).
(٢) الجُحْفة: قرية على اثنين وثمانين ميلًا من مكّة.
(٣) رواه عن مالك: أبو مصعب الزُّهري (١٨٥٨)، وعبد الرحمن بن القاسم (٤٧٢)، وسويد بن سعيد (٦٧٨)، وإسحاق بن عيسى الطبّاع عند أحمد في المسند ٤٣/ ٢٩٠ - ٢٩١ (٢٦٢٤١)، وعبد الله بن يوسف التنيسي عند البخاري (٣٩٢٦)، وعبد الله بن مسلمة القعنبي عند الجوهري =

<<  <  ج: ص:  >  >>