للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ ثالثٌ لابن شهابٍ، عن أبي أُمامةَ مرسَلٌ، وهو يتَّصل من وُجوهٍ كثيرةٍ ثابتةٍ من غير حديث مالكٍ

مالكٌ (١)، عن ابن شهابٍ، عن أبي أمامةَ بنِ سهلِ بنِ حُنيفٍ، أنّه أخبَره، أنَّ مسكينةً مرِضَتْ، فأُخْبِرَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بمرضِها، وكان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يعودُ المساكينَ ويسألُ عنهم، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا ماتَتْ فآذِنُوني بها". فخُرِج بجِنازتها ليلًا، فكرِهوا أنْ يُوقِظوا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، فلمَّا أصبَح رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أُخبِر بالذي كان من شأنِها، فقال: "ألم آمُرْكم أنْ تُؤذنوني بها؟ ". فقالوا: يا رسولَ الله، كرِهْنا أنْ نُخرجَكَ ليلًا ونُوقظَك. فخرَج رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- حتّى صَفَّ بالناسِ على قبرِها، وكبَّر أربعَ تكبيرات.

لم يُختلَفْ على مالكٍ في "الموطأ" في إرسالِ هذا الحديثِ، وقد روى موسى بنُ محمدِ بنِ إبراهيمَ القرشيُّ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهابِ، عن أبي أُمامةَ بنِ سهلِ بنِ حُنيفٍ، عن رجلٍ من الأنصارِ، أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- صلَّى على قبر امرأةٍ بعدما دُفنَتْ، فكبَّر عليها أربعًا. وهذا لم يُتابَعْ عليه، وموسى بنُ محمدٍ هذا متروكُ الحديث، وقد روى سفيانُ بنُ حسينٍ هذا الحديثَ (٢)، عن ابنِ شهابٍ، عن أبي أُمامةَ بنِ سهلٍ، عن أبيه، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- (٣). وهو حديثٌ مُسندٌ مُتَّصلٌ صحيحٌ من غير حديثِ مالكٍ، من حديثِ الزهريِّ وغير، ورُويَ من وجُوه كثيرةٍ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، كلُّها ثابتةٌ.

وفيه من الفقه: أنّه جائزٌ أن يُتحدَّثَ بأحوالِ الناسِ عندَ العالِم إذا لم يكن في ذلك مكروهٌ فيكونَ غِيبةً.


(١) الموطأ ١/ ٣١٢ (٦٠٧).
(٢) قوله: "هذا الحديث" لم يرد في د ١.
(٣) سيأتي بإسناد المصنّف مع تخريجه بعد قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>