مالكٌ (١)، أنه بلَغه أنّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- توفِّي يومَ الاثنين، ودُفِن يومَ الثلاثاء، وصلَّى الناسُ عليه أفذاذًا لا يَؤمُّهم أحدٌ، فقال ناس: يُدفَنُ عندَ المِنبر. وقال آخرون: يُدفنُ بالبقيع. فجاء أبو بكر فقال: سمِعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"ما دُفِن نبيٌّ قَطُّ إلا في مكانِه الذي توفِّي فيه". فحُفِرَ له فيه، فلمّا كان عندَ غَسْلِه أرادوا نَزْعَ قميصِه، فسمِعُوا صوتًا يقول: لا تَنْزِعوا القميصَ. فلمْ يُنزَع القميصُ، وغُسِل وهو عليه -صلى الله عليه وسلم-.
قال أبو عُمر: هذا الحديثُ لا أعلَمُه يُروَى على هذا النَّسَق بوجهٍ من الوجوهِ غيرَ بلاغِ مالكٍ هذا، ولكنه صحيحٌ من وجوهٍ مختلفةٍ وأحاديثَ شتّى جمَعها مالكٌ. واللهُ أعلم.
فأمّا وفاتُه يومَ الاثنين، فقرَأْتُ على أبي القاسم خلفِ بنِ القاسم بنِ سَهْل، أنّ أبا بكرٍ محمدَ بنَ أحمدَ بنِ المِسْورِ حدَّثهم، قال: حدَّثنا أبو القاسم عبدُ الرّحمن بنُ مُعاويةَ العُتبيُّ، قال: حدَّثنا يحيى بنُ بكير، قال: حدَّثني الليثُ بنُ سَعْد، عن عُقَيل، عن ابنِ شهاب قال: أخبَرني أنسُ بنُ مالكٍ أنَّ المسلمين بينا هُمْ في صلاةِ الفجرِ من يوم الاثنين وأبو بكرٍ رضي الله عنه يصلِّي بهم، لم يَفْجأْهُم إلا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قد كشَف حُجرةَ عائشةَ فنظَر إليهم وهم صُفوفٌ في الصلاة، فتبسَّم يضحَكُ، فنكَص أبو بكرٍ على عَقِبَيه ليصِلَ الصفّ، يظُنُّ أنّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يريدُ أن يخرُجَ إلى الصلاة. قال أنس: فهَمَّ المسلمون أن يفتَتِنوا في صلاتِهم فرحًا برسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فأشار إليهم رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بيدِه أن أتِمُّوا صلاتَكُم. ثم