للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ حادٍ وأربعونَ منَ البلاغات

قال مالك (١): السُّنة في الذي يرفعُ رأسَه قبلَ الإمام في رُكوع أو سُجود: أنْ يخِرّ راكعًا أو ساجدًا، ولا يقِفُ ينتظرُ الإمامَ، وذلك أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنّما جُعِلَ الإمامُ ليُؤْتَمّ به، فلا تختَلِفُوا عليه".

وقال أبو هُريرة: الذي يرفعُ رأسَه ويخْفِضُه قبلَ الإمام، فإنّما ناصِيَتُه بيدِ شيطان.

أما قوله: "السُّنة" فإنّه أمرٌ لا أعلمُ فيه خلافًا، وقد ثبتَ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- التغليظُ فيمَنْ رفعَ رأسَه قبلَ الإمام.

روى شُعبةُ، عن محمدِ بنِ زياد، عن أبي هُريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أما يخْشَى الذي يرفَعُ رأسَه قبلَ الإمام، راكعًا أو ساجدًا أن يُحوِّلَ اللهُ رأسَه رأسَ حمار، أو صُورتَهُ صُورةَ حمار" (٢).

وهذا وعيدٌ وتهديدٌ، وليس فيه أمرٌ بإعادة؛ فهو فِعْلٌ مكْروةٌ لِمَن فعلَه، ولا شيءَ عليه إذا أكمَلَ ركُوعَه وسُجودَه. وقد أساءَ وخالَفَ سُنّةَ المأموم، وعلى كراهيةِ هذا الفعلِ للمأموم جماعةُ العلماءِ من غيرِ أن يُوجبُوا فيه إعادةً، وكذلك قال أبو هُريرة: ناصيتُه بيدِ شيطان. ولم يأمُرْ فيه بإعادة.

وذكر مالكٌ (٣) عن محمدِ بنِ عَمْرو بنِ عَلْقَمة، عن مَليح بنِ عبدِ الله السّعديِّ، عن أبي هُريرة، قال: الذي يرفعُ رأسَهُ ويخفِضُ قبلَ الإمام، فإنّما ناصيتُه بيَدِ شيطان.


(١) الموطّأ ١/ ١٤٦ (٢٤٦).
(٢) أخرجه أحمد في المسند ١٦/ ٣٢١ - ٣٢٢ (١٠٥٤٦)، والبخاري (٦٩١)، ومسلم (٤٣٦) (١٢٧). محمد بن زياد: هو الجُمَحي مولاهم، أبو الحارث المدنيّ.
(٣) الموطّأ ١/ ١٤٦ (٢٤٥)، وهو الحديث الثاني لمحمد بن عمرو بن علقمة، وقد سلف مع تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>