للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ سادِسٌ لابنِ شِهاب، عن سالم مُسنَدٌ

مالكٌ (١)، عن ابن شِهاب، عن سالم بن عبدِ الله، أنَّ عبد الله بن محمدِ بن أبي بكرٍ الصَّدِّيقِ أخبَرَ (٢) عبدَ الله بن عُمر، عن عائشةَ، أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألم تري إلى قومِكِ حين بنوُا الكعبة اقتصرُوا عن قَواعِدِ إبراهيم؟ " قالت: فقلتُ: يا رَسُولَ الله، أفلا ترُدُّها على قَواعِدِ إبراهيم؟ فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لولا حِدْثانُ قومِكِ بالكُفرِ لفعلتُ". فقال ابنُ عُمر: لَئنْ كانت عائشةُ سمِعَت هذا من رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ما أرَىَ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - تركَ استِلامَ الرُّكنينِ اللَّذينِ يَلِيانِ الحِجْرَ، إلّا أنَّ البيتَ لم يُتَمَّمْ على قواعِدِ إبراهيمَ.

في هذا الحديثِ من العِلم: أنَّ قُريشًا بَنتِ الكعبةَ ولم تُتِمَّها على قواعِدِ إبراهيم. وقولُهُ - صلى الله عليه وسلم - لعائشة: "ألم تَرَي إلى قومِكِ؟ "، و"لولا حِدثانُ قومِكِ بالكُفر"، إنَّما عَنَى بذلك قُريشًا، لبُنيانِهِمُ الكعبة، قال اللهُ عزَّ وجلَّ لنبيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ} [الأنعام: ٦٦]، وقال: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف: ٤٤]. قال المُفسِّرُون: يعني قُريشًا.

والقواعِدُ أساسُ البيتِ، قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} [البقرة: ١٢٧]، قال أهلُ اللُّغةِ: الواحِدةُ منها قاعِدةٌ. قالوا: والواحِدُ من النَّساءِ: قاعِدٌ.


(١) الموطأ ١/ ٤٨٨ (١٠٥٤)، ومن طريق مالك أخرجه الشيخان في صحيحيهما: البخاري (١٥٨٣) و (٣٣٦٧) و (٤٤٨٤)، ومسلم (١٣٣٣).
(٢) في ض، م: "أخبره عن"، وفي ر ١: "أخبر عن". وأثبتناه كما ورد في ش ٤، والموطأ وغيره من المصادر.

<<  <  ج: ص:  >  >>