للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ حادٍ وعشرونَ منَ البلاغات

مالكٌ (١)، أنه بلَغه أن عائشةَ زوجَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قالت: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما مِن نبيٍّ يموتُ حتى يُخَيَّرَ". قالت: فسمِعْتُه وهو يقول: "اللَّهمَّ الرَّفيقَ الأعلى". فعرَفتُ أنه ذاهبٌ.

قال أبو عُمر: قد روَى مالك (٢)، عن هشام بنِ عُروة، عن عبّادِ بنِ عبدِ الله بنِ الزُّبير، عن عائشة، أنها سمِعت رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قبلَ أن يموتَ وهو مُستنِدٌ إلى صدرِها، وأصغَت إليه يقول: "اللَّهمَّ اغفِرْ لي وارحَمْني، وألحِقْني بالرفيق". وهذا يكادُ أن يكونَ ذلك المُرسَلَ إلا ذِكْرَ التَّخيير، وقد رُوِيَ هذا الحديثُ مسندًا من وَجْهٍ صحيح، من حديثِ أهل المدينة، وفيه ذِكْرُ التخييرِ والحديثِ كلِّه:

حدَّثنا أحمدُ بنُ فتحِ بنِ عبدِ الله قراءةً منِّي عليه، أنَّ أبا الفَضْلِ جعفرَ بنَ محمدِ بنِ يزيدَ الجوهريَّ حدَّثه إملاءً عليهم بمصرَ سنةَ سبع وخمسينَ وثلاثِ مئة، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ عبدانَ بنِ عبدِ الغفار بمكّةَ، قال: حدَّثنا أبو مروان -يعني محمدَ بنَ عُثمانَ- قال: حدَّثنا إبراهيمُ بنُ سَعْد، عن أبيه، عن عُروة، عن عائشة قالت: سمِعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما مِن نبيٍّ مرِضَ إلّا خُيِّرَ بينَ الدُّنيا والآخِرَة". قالت: فلمّا كان في مرَضِه الذي قُبِض فيه أخَذتْهُ بُحَّةٌ شديدةٌ، فسمِعتُه يقول: " {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: ٦٩] ". فعلِمتُ أنه خُيِّر (٣).


(١) الموطّأ ١/ ٣٢٧ (٦٤٠).
(٢) الموطّأ ١/ ٣٢٦ (٦٣٩)، وهو الحديث السادس والثلاثون لهشام بن عروة، وقد سلف مع تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه.
(٣) أخرجه ابن ماجه (١٦٢٠) عن أبي مروان العثمانيّ محمد بن عثمان، به. =

<<  <  ج: ص:  >  >>