للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ سابعٌ لنافِع، عن ابن عُمرَ

مالكٌ (١)، عن نافِع، عن ابن عُمرَ: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن بَيْع حَبَلِ الحَبَلة. وكان بيعًا يتبايَعُهُ أهلُ الجاهِليَّةِ، كان الرَّجُلُ يبتاعُ الجزُورَ، إلى أن تُنْتَج النّاقَةُ، ثُمَّ تُنتَجَ التي في بَطْنِها.

قد جاءَ تفسيرُ هذا الحديثِ كما تَرى في سياقِهِ، وإن لم يكُن تَفسيرُهُ مرفُوعًا، فهُو من قِبَلِ ابن عُمرَ، وحَسْبُكَ.

وبهذا التَّأويل قال مالكٌ والشّافِعيُّ وأصحابُهُما، وهُو الأجَلُ المجهُولُ، ولا خِلافَ بين العُلماء: أنَّ البيعَ إلى مِثلِ هذا من الأجَلِ لا يجُوزُ، وقد جعلَ الله الأهِلَّةَ مَواقيتَ للنّاسِ، ونَهَى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن البَيْع إلى مِثلِ هذا من الأجَل، وأجمَعَ المُسلمُونَ على ذلكَ، وكَفَى بهذا عِلمًا.

وقال آخرُونَ في تأويل هذا الحديث: معناهُ بَيْعُ ولَدِ الجَنينِ الذي في بَطْنِ النّاقَةِ. هذا قولُ أبي عُبيدٍ. قال أبو عُبيد (٢)، عن ابن عُليَّةَ: هُو نِتاجُ النِّتاج، وبهذا التَّأويل قال أحمدُ بن حَنْبل، وإسحاقُ بنُ راهُوْيَة.

وقد فسَّر بعضُ أصحابِ مالكٍ هذا الحديث بمِثلِ ذلك أيضًا.

وهُو بَيْعٌ أيضًا مُجتمَعٌ على أنَّهُ لا يجُوزُ ولا يحِلُّ، لأنَّهُ بيعُ غَررٍ ومجهُولٌ، وبيعُ ما لم يُخلَقْ، وقد أجمعَ العُلماءُ على أنَّ ذلك لا يجُوزُ في بُيُوع المُسلمينَ.

وقد رُوِيَ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّهُ نهى عن المَجْر (٣). وهُو بيعُ ما في بُطُونِ الإناثِ.


(١) الموطأ ٢/ ١٨٢ (١٩٠٨).
(٢) انظر: غريب الحديث، له ١/ ٢٠٨.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (١٤٤٤٠)، والبزار في مسنده ١٢/ ٢٩٧ (٦١٣٢)، والبيهقي في الكبرى ٥/ ٣٤١، من حديث ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>