للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ خامسٌ ليحيى بنِ سعيدٍ

مالكٌ (١)، عن يحيى بن سعيد، عن سعيدِ بنِ المُسَيِّب، أنه قال: ما صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظُّهرَ والعصرَ يومَ الخندَقِ حتَّى غابَتِ الشمسُ.

وهذا يَستندُ من حديثِ ابنِ مسعود، وحديثِ أبي سعيدٍ الخُدريِّ (٢)، وحديثِ جابر، وبعضُها أتمُّ معنًى من بعض، وقد يجوزُ أن يكونَ هذا النِّسيانُ ولَّدَه شُغْلٌ عظيمٌ.

روَى هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سَلَمة، عن جابر، قال: جعَل عُمرُ بنُ الخطاب يَسُبُّ كفارَ قُريش يومَ الخندق، ويقول: يا رسولَ الله، واللّه ما صلَّيتُ العصرَ حتى غابَتِ الشمسُ، أو كادتْ تَغيبُ. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "واللّه ما صلَّيتُها". فنزَلنا معه إلى بُطْحان (٣)، فتوَضَّأ للصلاة، وتوَضَّأنا معه، فصلَّى العصرَ بعدَما غربَتِ الشمس، ثم صلَّى بعدَها المغرب (٤).

وأما قولُه - صلى الله عليه وسلم - يومَ الخندق: "شغَلُونا عن الصلاةِ الوُسطَى صلاةِ العصرِ حتَّى غرَبَتِ الشمسُ". فقد ذكَرْنا طُرقَ هذا الحديثِ في بابِ زيدِ بنِ أسلمَ، وذكَرْنا حديثَ أبي سعيدٍ الخدريِّ، وحديثَ ابنِ مسعودٍ في بابِ مُرسلِ زيدٍ أيضًا، وفي حديثِهما أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شُغِل يومئذٍ عن أربع صلوات: الظُّهر، والعصر،


(١) الموطّأ ١/ ٢٥٩ (٥٠٦).
(٢) سلف تخريج حديثي ابن مسعود وأبي سعيد الخدريِّ وغيرهما في أثناء شرح الحديث الثالث والأربعين من مرسل زيد بن أسلم، وسيُشير المصنِّف إلى هذا قريبًا.
(٣) بطحان: بضمِّ أوّله وسكون ثانيه: وادٍ بالمدينة، وقيل: هو بفتح أوّله وسكون ثانيه، حكاه أبو عُبيد البكريّ. قاله ابن حجر في الفتح ٢/ ٦٩. وقال ابن الأثير في النهاية ١/ ١٣٥: "وأكثرهم يضمُّون الباء، ولعلّه الأصحُّ".
(٤) سيأتي بإسناد المصنِّف مع تخريجه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>