للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ أولُ لهشام بنِ عُروةَ

مالكٌ (١)، عن هشام بنِ عُروةَ بن الزُّبير، عن أبيه، عن عائشةَ أمِّ المؤمنينَ أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا اغتسلَ من الجَنابةِ بدَأ فغسَل يدَيه، ثم توضّأ كما يَتوضَّأُ للصَّلاة، ثم يُدخِلُ أصابعَه في الماء، فيُخلِّلُ بها أُصُولَ شَعَرِه، ثم يَصُبُّ على رأسِه ثلاثَ غَرَفات بيَدَيه، ثم يُفيضُ الماءَ على جِلْدِه كلِّه.

في هذا الحديث كيفيةُ غُسْلِ المُغْتَسل من الجَنابة، وهو مِن أحسنِ حديثٍ رُوِيَ في ذلك، وفيه فرْضٌ وسُنّةٌ:

فأما السُّنة فالوُضوءُ قبل الاغتسالِ من الجَنابة، ثبَتَ ذلك عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنه كذلك كان يفعل، إلا أن المُغتسِلَ من الجَنابة، إذا لم يتوضَّأ، وعمَّ جميعَ جسدِه ورأسَه ويدَيه ورجلَيه وسائرَ بدَنِه (٢) بالماء، وأسبغَ ذلك وأكملَه بالغُسل ومُرورِ يدَيه، فقد أدَّى ما عليه إذا قصَد الغُسْلَ ونواه وتمَّ غُسلُه؛ لأنَّ اللَّه عزَّ وجلَّ إنما افترَض على الجُنُب الغُسلَ دونَ الوضوء بقوله عزَّ وجلَّ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: ٤٣]. وقوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦]. وهذا إجماعٌ لا خلافَ فيه بين العلماء، إلا أنهم مُجمِعون أيضًا على اسْتِحباب الوُضوء قبلَ الغُسْل للجُنُب؛ تأسِّيًا برسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولأنه أعْوَنُ على الغُسل وأهذَبُ فيه، وأما بعدَ الغُسل فلا.

وروى أيوبُ السَّختيانيُّ هذا الحديث، عن هشام بن عُروة، عن أبيه، عن عائشة، مثلَ رواية مالك، إلا أن في روايته: فيُخلِّلُ أصولَ شَعَرِه، مرَّتين أو


(١) الموطّأ ١/ ٨٨ (١٠٩).
وأخرجه البخاري (٢٤٨) عن عبد اللَّه بن يوسف التِّنِّيسيّ، والنسائي في المجتبى (٢٤٧)، وفي الكبرى ١/ ١٦٨ (٢٤١) عن قتيبة بن سعيد، كلاهما عن مالك، به.
(٢) في الأصل: "يديه"، خطأ ظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>