للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ سادِسُ ستِّين لنافع، عن ابن عُمرَ

مالكٌ (١)، عن نافع، عن عبدِ الله بن عُمرَ: أنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- خطَبَ النّاسَ في بَعضِ مَغازيهِ. قال عبدُ الله بن عُمرَ: فأقبَلتُ نحوهُ، فانصرَفَ قبلَ أن أبْلُغَهُ، فسألتُ: ماذا قالَ؟ فقيلَ لي: نَهَى أن يُنبَذَ في الدُّبّاءِ والمُزفَّت (٢).

قال أبو عُمر: كان عبدُ الله بن عُمرَ يَرَى أنَّ النَّهي عن الانْتِباذِ في الظُّرُوفِ نحوَ الدُّبّاءِ والمُزفَّتِ، غيرَ منسُوخ.

وكان مالكٌ يذهبُ إلى هذا، وتابَعهُ طائفةٌ من أهلِ العِلم.

وقد مَضَى القولُ في هذا البابِ مُمهَّدًا مبسُوطًا، بما فيه من اختِلافِ الآثارِ، وتنازُع عُلماءِ الأمْصارِ، في بابِ رَبِيعةَ من هذا الكِتابِ، والحمدُ لله، فلا وجهَ لتَكْريرِ ذلك هاهُنا.

وفي هذا الحديثِ دليلٌ على أنَّ الإمامَ يخطُبُ رَعِيّتَهُ ويُعلِّمُهُم في خُطبتِهِ ما بهمُ الحاجةُ إليه من أحكامِهِم، في دينِهِم ودُنياهُم.

وأمّا الدُّبّاءُ، فهُو القَرْعُ المعرُوفُ، وهُو إذا يبِسَ، وصُنِع (٣) منهُ ظرفٌ، يُسرِعُ فيه النَّبيذُ إلى الشِّدَّةِ، مزفَّتًا كان أو غير مُزفَّتٍ، ولذلكَ جاءَ في هذا الحديثِ وغيرِهِ ذِكرُ الدُّبّاءِ مُطلقًا، ثُمَّ عطفَ عليه المُزفَّت منهُ، ومِن غيرِهِ، والله أعلمُ.


(١) الموطأ ٢/ ٤١٠ (٢٤٤٦).
(٢) المُزفَّت: هو الإناء يطلي داخله بالزفت، وهو القار، نُهي عنه لأنه يسرع فساد الشراب، ويعجله للسكر. انظر: مشارق الأنوار للقاضي عياض ١/ ٣١٢.
(٣) في الأصل، م: "وضع".

<<  <  ج: ص:  >  >>