للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ رابعُ عشرينَ لأبي الزِّنادِ

مالكٌ (١)، عن أبي الزِّنادِ، عنِ الأعرج، عن أبي هريرةَ، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من شرِّ النّاسِ ذو الوَجْهينِ، الذي يأتي هؤلاءِ بوَجهٍ، وهؤلاءِ بوَجهٍ".

هذا حديثٌ ظاهِرُهُ كباطِنِهِ، وباطِنُهُ كظاهِرِهِ في البَيانِ عن ذمِّ من هذه حالهُ (٢) وفِعلُهُ وخُلُقُهُ، عصمَنا اللهُ برحمتِهِ.

وقد تأوَّلَ قومٌ في هذا الحديثِ: أنَّهُ الذي يُرائي بعَملِهِ، ويرِي النّاس خُشُوعًا واستِكانةً، ويُوهِمهم (٣) أنَّهُ يخشَى الله، حتَّى يُكرِمُوهُ (٤).

وليس الحديثُ على ذلك، والله أعلمُ.

وقولُهُ: "يأتي هؤلاءِ بوَجهٍ، وهؤلاءِ بوَجْهٍ". يرُدُّ هذا التَّأوِيل.

وما يحتاجُ ذمُّ الرِّياءِ إلى اسْتِنباطِ معنًى من هذا الحديثِ وشِبْهِهِ؛ لأنَّ الآثارَ فيه عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وعنِ السَّلفِ، أكثرُ من أن تُحصى (٥).

حدَّثنا خلَفُ بن قاسم، قال: حدَّثنا يعقُوبُ بن المُباركِ، قال: حدَّثنا الحسنُ بن مخلدٍ، قال: حدَّثنا يحيى بن عبدِ الحمِيدِ الحِمّانيُّ، قال: حدَّثنا سُليمانُ بن بلالٍ، عن عُبيدِ الله بنِ سَلْمانَ (٦)، عن أبيهِ، عن أبي هريرةَ، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لا يَنْبغِي لذي الوَجْهينِ أن يكونَ أمِينًا" (٧).


(١) الموطأ ٢/ ٥٩٠ (٢٨٣٤).
(٢) في ي ١، ت: "حالته".
(٣) في الأصل: "ويريهم"، والمثبت من د ٢.
(٤) في د ٢: "كي يكرمونه".
(٥) من قوله: "وقد تأول" إلى هنا، سقط من ي ١، ت.
(٦) في الأصل، م: "سليمان"، خطأ، وهو عبيد الله بن سلمان الأغر. انظر: تهذيب الكمال ١٩/ ٥٥.
(٧) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (٣١٣)، والبزار في مسنده ١٥/ ٥٩ (٨٢٧٨)، من طريق سليمان بن بلال، به. وأخرجه أحمد في مسنده ١٤/ ٣٨٧ (٨٧٨١)، والخرائطي في مساوئ =

<<  <  ج: ص:  >  >>