للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ خامِسٌ لأبي الزُّبيرِ

مالكٌ (١)، عن أبي الزُّبير المكِّيِّ، عن طاووس اليَمانيِّ، عن ابن عبّاس، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُعلِّمُهُم هذا الدُّعاءَ، كما يُعلِّمُهُمُ السُّورةَ من القُرآنِ، يقولُ: "اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ من عَذابِ جَهنَّم، وأعُوذُ بكَ من عَذابِ القَبْرِ، وأعُوذُ بكَ من فِتْنةِ المسيح الدَّجّالِ، وأعُوذُ بكَ من فِتْنةِ المَحْيا والمماتِ".

قال أبو عُمر: كان رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُعلِّمُ أصْحابَهُ الدُّعاءَ فيحُضُّهُم عليه ويأمُرُهُم به، ويقولُ: "إنَّ الدُّعاءَ هُو العِبادةُ". ويتلُو: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (٢) [غافر: ٦٠].

وقد قالوا: إنَّ الدُّعاءَ مخُّ (٣) العِبادةِ؛ لأنَّ فيه (٤) الإخْلاصَ، والضَّراعةَ، والإيمانَ، والخُضوعَ.

واللهُ يُحِبُّ أن يُسألَ، ولذلك أمرَ عِبادَهُ أن يَسْألُوهُ من فَضْلِهِ، وقد كان لرسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أنواعٌ من الدعاءِ يُواظِبُ عليه ويَدْعُو به، لا يقومُ به كِتابٌ لكَثْرتِهِ.

وفي هذا الحديث: الإقرارُ بعَذابِ القَبْرِ. ولا خِلافَ بينَ أهلِ السُّنّةِ في جَوازِ تَصْحيحِهِ، واعْتِقادِ ذلكَ، والإيمانِ بهِ. وكذلك الإيمانُ بالدَّجّالِ. وقد ذكَرْنا الأخبارَ في عَذابِ القَبْرِ، في بابِ هشام بن عُرْوةَ وغيرِهِ من هذا الكِتابِ، وذكَرْنا أخبارَ الدَّجّالِ في بابِ نافِع، والحمدُ لله.


(١) الموطأ ١/ ٢٩٥ (٥٧٣).
(٢) هو حديث النعمان بن بشير، وقد سلف تخريجه في الحديث الثاني لا ابن شهاب، عن أبي عبيد مولى ابن أزهر، من هذا الكتاب.
(٣) في م: "مع".
(٤) في م: "فيها".

<<  <  ج: ص:  >  >>