للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ سادسٌ لربيعةَ مرسَلٌ

مالكٌ (١)، عن ربيعةَ بن أبي عبد الرَّحمن، عن سُليمانَ بن يسارٍ، أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعَث أبا رافع مولَاه ورجلًا من الأنصار، فزوَّجاه ميمونةَ ابنةَ الحارث، ورسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينةِ قبلَ أنْ يَخرجَ.

هذا الحديثُ قد رواه مَطَرٌ الورَّاقُ، عن ربيعةَ، عن سليمانَ بن يَسارٍ، عن أبي رافعٍ. وذلك عندي غَلَطٌ من مَطَرٍ؛ لأنَّ سليمانَ بنَ يسارٍ وُلد سنةَ أربعٍ وثلاثين، وقيل: سنةَ سبع وعشرين. ومات أبو رافعٍ بالمدينةِ بعدَ قتلِ عثمانَ بيِسير، وكان قتلُ عثمانَ رضي اللهُ عنه في ذِي الحِجَّةِ سنةَ خمسٍ وثلاثين، وغيرُ جائزٍ ولا مُمكِنٍ أن يسمَعَ سليمانُ بنُ يسارٍ من أبي رافع، وممكنٌ صحيحٌ أن يسمعَ سليمانُ بنُ يسارٍ من ميمونةَ؛ لما ذكَرنا من مولِده، ولأنَّ ميمونةَ مولاتُه ومولاةُ إخوتِه، أعتقَتْهم، وولاؤُهم لها، وتُوُفِّيتْ ميمونةُ سنةَ ستً وستِّين، وصلَّى عليها ابنُ عباسٍ، فغيرُ نَكِيرٍ أن يَسمَعَ منها، ويَستحِيلُ أن يَخْفَى عليه أمرُها، وهو مولاها، ومَوضِعُه من الفِقْهِ مَوضِعُه. وقصَّةُ ميمونةَ هذه أصلُ هذا البابِ عندَ أهل العلم، وغيرُ مُمكِن سَماعُه من أبي رافعٍ، فلا معنَى لروايةِ مَطَرٍ، وما رَواه مالكٌ أولَى (٢)، وباللّه التوفيقُ.


(١) الموطّأ ١/ ٤٦٧ (٩٩٦).
(٢) وإلى هذا ذهب أبو حاتم فيما نقل عنه ابنه في المراسيل ص ٨١ (٢٩٣) على أنَّه مرسل.
ولكن رجَّح آخرون اتصاله، وردُّوا على ما ذكره ابن عبد البرِّ هنا، ومن بينهم ابن القطّان الفاسي، فإنه ذهب إلى صحَّة سماع سليمان بن يسار من أبي رافع، فقال في كتابه بيان الوهم والإيهام ٢/ ٥٦١: "وقد يعرِض في سماع سليمان بن يسار من أبي رافع شكٌّ لمَن يقف على كلام أبي عمر بن عبد البَرِّ، فإنه لّما ذكر حديث مالكٍ عن ربيعة بن أبي عبد الرَّحمن عن سليمان بن يسار"؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>