للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ سادسٌ وأربعونَ لزيدِ بنِ أسلمَ (١) مُرسَلٌ

مالكٌ (٢)، عن زيدِ بنِ أسلمَ، أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "يسلِّمُ الرَّاكبُ على الماشي، وإذا سلَّم مِن القوم واحدٌ أجزَأ عنهم".

لا خلافَ بينَ رواةِ "الموطأ" في إرسالِ هذا الحديثِ هكذا (٣).

وفي هذا البابِ حديثُ عليِّ بنِ أبي طالبٍ مسندٌ، وسنذكُرُه فيه إن شاء اللهُ. وزعَم البزَّارُ أنَّ فيه عن أبي هريرةَ.

وهذا حديثٌ بيِّنُ المعنَى، مُستَغنٍ عن التأويلِ، إلَّا أنَّ الفقهاءَ اختَلفوا في القولِ به؛ فقال مالكٌ، والشافعيُّ، وأصحابُهما، وهو قولُ أهلِ المدينةِ: إذا سلَّم رجلٌ على جماعةٍ مِن الرِّجالِ، فرَدَّ عليه واحدٌ منهم أجزَأ عنهم، وشبَّهه الشافعيُّ رحِمه اللهُ بصلاةِ الجماعةِ، والتَّفقُّهِ في دينِ الله، وغَسلِ الموتى، ودفنِهم، والصلاةِ عليهم، وبالسفرِ إلى أرضِ العدوِّ لقتالِهم. قال: هذه كلُّها فروضٌ على الكفايةِ، إذا قام بشيءٍ منها بعضُ القوم أجزَأ عن غيرِهم (٤).

قال أبو عُمر: الحجَّةُ في فرضِ ردِّ السَّلام قولُ الله عزَّ وجلَّ: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء:]. والحجَّةُ في أنَّ هذا الفرضَ لا يتعيَّنُ في هذه المسألةِ، حديثُ زيدِ بنِ أسلمَ هذا.

وقال أبو جعفرٍ الأزديُّ الطَّحاويُّ (٥): حدَّثنا سليمانُ بنُ شعيبٍ، عن أبيه،


(١) هذا هو الحديث الخامس والأربعون لزيد في ق.
(٢) الموطأ ٢/ ٥٤٩ (٢٧٥٦).
(٣) فرواه عن مالكٍ مرسلًا: أبو مصعب الزُّهري (٢٠١٩)، وسويد بن سعيد (٦٦٤).
(٤) نقل هذه الأقوال عنهم الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٣٩٧.
(٥) في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٣٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>