للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حديثٌ ثالثٌ لسُهيل بن أبي صالح

مالكٌ (١)، عن سُهيلِ بنِ أبي صالح السَّمّان، عن أبيه، عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا رأيتَ الرجلَ يقول: هلَك الناسُ فهو أهلكُهُم".

هذا معناه عندَ أهلِ العلم أن يقولَها الرَّجلُ احتقارًا للناس وإزراءً عليهم وإعجابًا بنفْسِه، وأمّا إذا قال ذلك تأسُّفًا وتحزُّنًا وخوفًا عليهم؛ لقَبِيحِ ما يَرى من أعمالِهم، فليس ممّن عُنِيَ بهذا الحديث.

والفرقُ بين الأمرَين: أن يكونَ في الوجه الأول راضيًا عن نفسِه مُعجَبًا بها، حاسدًا لمَنْ فوقَه، محتقِرًا لمَنْ دونَه، ويكونَ في الوجه الثاني ماقتًا لنفسِه، موبِّخًا لها، غيرَ راضٍ عنها.

رَوَيْنا عن أبي الدّرداء رحمه اللَّهُ، أنه قال: لن يَفقهَ الرَّجلُ كلَّ الفقهِ حتّى يمقُتَ الناسَ كلَّهم في ذاتِ اللَّه، ثم يعودَ إلى نفسِه فيكونَ لها أشدَّ مقتًا (٢).

حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ الفضل، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ جرير، قال: حدَّثنا عبدُ الجبارِ بنُ يحيى الرمليُّ، قال: حدَّثنا ضَمْرةُ بنُ ربيعة، عن صدقةَ بنِ يزيدَ، عن صالح بنِ خالد، قال: إذا أردتَ أن تعملَ من الخيرِ شيئًا فأنزلِ الناسَ منزلةَ البقر، إلا أنك لا تحقِرُهم (٣).


(١) الموطأ ٢/ ٥٨٠ (٢٨١٥)، والتعليق عليه.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ١١/ ٢٥٥ (٢٠٤٧٣)، وابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٥٧٢٦)، وأحمد في الزُّهد (٧١٣)، وأبو داود في الزُّهد (٢٣٣)، وابن أبي الدُّنيا في محاسبة النفس (٢٣)، وابن جرير الطبري في تفسيره ١/ ٨، وأبو نعيم في حلية الأولياء ١/ ٢١١، والبيهقي في الأسماء والصفات (٦١٩) من طريق عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة عبد اللَّه بن زيد الجرميّ، عن أبي الدرداء رضي اللَّه عنه، به. وإسناده إليه صحيح.
(٣) أخرجه عبد اللَّه بن أحمد في زوائده على الزُّهد (١٢٦٦) من طريق ضمرة بن ربيعة الفلسطيني، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>