للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذهَب قومٌ إلى أنَّ المرفوعَ: كلُّ ما أُضيف إلى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، متَّصلًا كان أو مقطوعًا، وأنَّ المسنَدَ لا يقعُ إلّا على ما اتصَل مرفوعًا إلى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (١). ففرَّقوا بينَ المرفوع والمسنَدِ بأنَّ المسنَدَ هو الذي لا يدخلُه انقِطاع.

وقال آخرون: المرفوعُ والمسنَدُ سواء، وهما شيءٌ واحدٌ، والانقطاعُ يَدخُلُ عليهما جميعًا والاتِّصال (٢).

واختلَفوا في معنى "أنَّ" هل هي بمعنى "عن"، محمولةٌ على الاتِّصالِ بالشَّرائطِ التي ذكَرْنا حتى يَتبيَّنَ انقطاعُها، أو هي محمولةٌ على الانقطاع حتى يُعرَفَ صحةُ اتِّصالها؟

وذلك مثلُ: مالك، عن ابنِ شهاب، أنَّ سعيدَ بنَ المُسيِّب قال كذا.

ومثلُ: مالك، عن هشام بنِ عُروة، أنَّ أباه قال كذا.

ومثلُ: حماد بن زيد، عن أيوبَ، أنَّ الحسنَ قال كذا.

فجمهورُ أهلِ العلم على أن "عن" و"أنَّ" سواءٌ، وأن الاعتبارَ ليس بالحروف، وإنما هو باللِّقاءِ والمُجالسةِ والسَّماع والمُشاهدة، فإذا كان سماعُ بعضِهم من بعضٍ صحيحًا، كان حديثُ بعضِهم عن بعضٍ أبدًا بأيِّ لفظٍ ورَد محمولًا على الاتِّصال، حتى تَتبيَّنَ فيه عِلَّةُ الانقطاع.


(١) بهذا يقول الحاكم كما في المعرفة (١٧)، وأبو الحسن الحصار وأبو عمرو الداني وابن خلفون وظاهر كلام السمعاني في القواطع، كما قال الزركشي في النكت ٢/ ٤٢٦، وابن دقيق العيد كما في الاقتراح، ص ٢١١، وغيرهم.
(٢) هذا مقتضى صنيع ابن أبي حاتم والدارقطني كما ذكر السخاوي في فتح المغيث ١/ ١٨١ - ١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>