للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ حادي خمسين لأبي الزِّنادِ

مالكٌ (١)، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعرج، عن أبي هريرةَ، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يَتَعاقبُونَ فيكُم مَلائكةٌ باللَّيلِ، وملائكةٌ بالنَّهارِ، ويجتمِعُونَ في صلاةِ العَصْرِ، وصلاةِ الفَجْرِ، ثُمَّ يعرُجُ الذين باتُوا فيكُم، فيسألُهُم، وهُو أعْلَمُ بهم: كيفَ تَرَكتُم عِبادِي؟ فيقولُونَ: تركناهُم يُصلُّونَ (٢)، وأتيناهُم وهُم يُصلّونَ".

في هذا الحديثِ شُهُودُ الملائكةِ للصَّلواتِ، والأظهرُ أنَّ ذلك في الجماعاتِ، وقد يحتمِلُ الجماعاتِ وغيرَها.

ومعنى: "يَتَعاقبُونَ": تأتي طائفةٌ بإثرِ طائفةٍ، وبعدَها طائفةٌ (٣)، وإنَّما يكونُ التَّعاقُبُ بينَ طائفتينِ، أو بينَ رجُلينِ، مرَّةً هذا، ومرَّةً هذا، ومنهُ قولُهُم: الأمِيرُ يُعْقِبُ البُعُوث، أي: يُرسِلُ هؤُلاءِ ندبًا (٤) شهرًا أو أشهُرًا، وهؤُلاءِ شهرًا أو أشهُرًا، ثُمَّ يرُدُّهُم، ويُعقِبُهُم بآخرِينَ، فهذا هُو التَّعاقُبُ.

ومعنى هذا الحديثِ، أنَّ ملائكةَ النَّهارِ تنزِلُ في صلاةِ الصّبح، فيُحصُونَ على بني آدمَ، ويعرُجُ الذين باتُوا فيهِم ذلك الوقت، أي: يَصْعدُونَ، وكلُّ من صعِدَ في شيءٍ، فقد عرجَ، ولذلك قيلَ للدَّرج: المعارجُ، فإذا كانت صلاةُ العصرِ، نزلَتْ ملائكةُ اللَّيلِ مُعقبة (٥) فأحصَوْا علي بني آدمَ، وعرجَتْ ملائكةُ النَّهارِ، يَتَعاقبُونَ هكذا أبدًا، واللّه أعلمُ (٦).


(١) الموطأ ١/ ٢٤١ (٤٧٢).
(٢) في د ٢: "تركناهم وهم يصلون"، والمثبت من الأصل، وهو الموافق لما في الموطأ.
(٣) عبارة ت: "وبعدَ طائفةٍ".
(٤) في م: "كذا". والندب: أن يندب إنسان قومًا إلى أمر، أو حرب، أو معونة، أي: يدعوهم إليه، فينتدبونَ له، فيجيبون ويسارعون. انظر: لسان العرب ١/ ٧٥٥.
(٥) "معقبة" من د ٢.
(٦) من قوله: "وإنما يكون التعاقُب" إلى هنا، سقط من ي ١، ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>