للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ ثالثٌ لابن شهاب، عن أبي سَلَمة متّصلٌ صحيحٌ

مالكٌ (١)، عن ابنِ شهابٍ، عن أبي سلمةَ بنِ عبدِ الرحمن، عن أبي هريرةَ، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنّ أحدَكم إذا قام يصلِّي جاء الشيطانُ فلبَس عليه حتى لا يَدْري كم صلَّى، فإذا وجَد ذلك أحدُكم فليسجدْ سجدتين وهو جالسٌ".

في هذا الحديث مِن الفقهِ: أنَّ الشيطانَ يوسوسُ للإنسانِ، وأنَّ الصلاةَ لا تَحُولُ بينَه وبينَه، وأنَّه ساعٍ على المرءِ فيما يفسِدُ عليه دِينَه جاهدًا، واللهُ يَعصمُ منه من يَشاءُ من عبادِه. وقولُه: "فلبَس عليه"، يعني: خَلَطَ عليه، وهو على: "فَعَلَ" مُخَفَّفٌ، والمستقبلُ: يَلبِسُ، مثلُ: ضرَب يَضرِبُ، وأمّا إذا كان من اللِّباسِ فالماضي منه: لَبِسَ، مثلُ: سَمِعَ، والمُستقبلُ منه: يَلبَسُ، مثلُ: يسمَعُ (٢).

وقد اختلَف الفقهاءُ في معنى هذا الحديث؛ فقال قومٌ منهم: معناه: أنْ يبنيَ على يقينِه، وعلى أكثرِ ظنِّه، ثم يسجُدَ (٣). قالوا: وهو حديثٌ ناقصٌ يفسِّرُه حديثُ أبي سعيدٍ الخدريِّ (٤)، وحديثُ عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ (٥) وحديثُ


(١) الموطأ ١/ ١٥٥ (٢٦٣).
(٢) انظر المصباح المنير للفيومي مادة (لبس).
(٣) انظر اختلاف العلماء لمحمد بن نصر المروزي ص ١٤١ - ١٤٣، والأوسط لابن المنذر ٣/ ٤٦٩.
(٤) أخرجه مسلم (٥٧١) من طريق زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري.
(٥) إسناده ضعيف، فقد رواه محمد بن إسحاق عن مكحول مرسلًا، ثم رواه عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله الهاشمي، عن كريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس، عن عبد الرحمن بن عوف، فوصله. وحسين بن عبد الله هذا ضعيف، وما وقع من رواية ابن إسحاق عن مكحول، عن كريب، عن ابن عباس، عن عبد الرحمن بن عوف، معلول، لأن ابن إسحاق أسقط منه حسينًا المذكور، وإن وقع تصريحه بسماعه من مكحول مباشرة عند أبي يعلى (٨٣٩)، فإن هذا التصريح وهم، كما توضحه رواية من فضَّل المرسل على الموصول. =

<<  <  ج: ص:  >  >>