لأنَّ مَن ترَك الجِلسةَ الوسطَى عامدًا بطَلَتْ صلاتُه، وأنتَ ترَى السَّلفَ والعملَ الأوَّلَ والأمرَ القديمَ قد تُركَ فيه التكبيرُ ولم يَعِبْ بعضُهم على بعضٍ، ولم يُجِزْ واحدٌ منهم ترْكَ الجِلسةِ الوسطى عامدًا ولا ترَكَها، وحسبُكَ بهذا فَرْقًا تُخَصُّ به الجِلسةُ الوسطَى من بينِ سائرِ السُّننِ وسائرِ أعمالِ البدنِ في الصلاةِ.
والتكبيرُ فيما عدا تكبيرَ الإحرام المخصوصَ بالوجوبِ، أشبَهُ بالتسبيح في الرُّكوع والسجودِ، وسورةٍ مع "أمِّ القرآن"، ورفعِ اليدين، منه بالجلسةِ الوسطى، واللهُ المستعانُ. ولو كان التكبيرُ من فُروضِ الصلاةِ التي تُعادُ منه إذا سَهَا عنه، لكانت كلُّ تكبيرةٍ في ذلك سواءً في وُجوبِها، ولمَا افترَق حُكمُ الواحدةِ والاثنتينِ والثلاثِ والأكثرِ في ذلك، ألا ترَى أنَّ السجدةَ في كلِّ ركعةٍ لا تنوبُ عن غيرِها، وأنَّها فرضٌ في نفسِها، فلو كانَتِ التكبيراتُ واجباتٍ كانَتْ كذلك، ولا حُجَّةَ لمنْ فرَّقَ بينَ ذلك، وبالله التوفيقُ.
وقد ذكَرنا اختلافَ العلماءِ في تكبيرةِ الإحرام، وفي مَعانٍ من تكبيرِ الإمامِ والمأمومِ في بابِ ابنِ شهابٍ، عن عليِّ بنِ حُسينٍ، من هذا الكتاب (١)، والحمدُ لله.