للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثُ خامس لابن شهاب، عن حُمَيْد

مالكٌ (١)، عن ابنِ شهابٍ، عن حُميد بن عبدِ الرَّحمن بن عوف، أنَّه سَمِعَ معاويةَ بنَ أبي سُفيانَ عامَ حجَّ وهو على المِنْبر، وتناول قُصَّةً من شَعرٍ كانت في يد حَرَسِيٍّ (٢)، يقولُ: يا أهلَ المدينةِ، أين علماؤُكم؟ سمِعتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنهى عن مثلِ هذه ويقولُ: "إنَّما هَلكتْ بنو إسرائيلَ حينَ اتَّخذَ هذه نساؤُهم (٣) ".

في هذا الحديثِ من الفقهِ، صعودُ الإمامِ على المنبرِ للخطبةِ، وتناولُه في الخطبةِ الشيء يَراه إذا كان في تناوله ذلك شيءٌ من أمر الدِّينِ، ليعلِّمَه مَن جهِلَه.

وفيه الحديثُ عن رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الخُطبةِ وغيرِها (٤)، وتعليمُ الناسِ (٥) ما جهِلوه من أمرِ دينِهم في الخطبةِ.

وفيه إباحةُ الحديثِ عن بني إسرائيلَ في الخطبةِ وغيرِها.

وفيه دليلٌ على الاعتبارِ والتَّنظيرِ والحكمِ والقياس (٦)، ألا تَراه خافَ على هذه الأمَّةِ الهلاكَ إن ظهرَ منهم مثلُ ذلك العمل الذي كان ظهَر في بَني إسرائيلَ حينَ أُهلِكوا؟ ففي هذا دليلٌ واضحٌ على أنَّ اللهَ عزّ وجلَّ إذا أهلَكَ قومًا بعملٍ، وجَب على كلّ مؤمنٍ اجتنابُ ذلك العملِ؛ دليلُ ذلك قولُ الله عزَّ وجلَّ: {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ


(١) الموطأ ٢/ ٥٣٦ (٢٧٢٦)، ومن طريق مالك أخرجه البخاري (٣٤٦٨) و (٥٩٣٢)، ومسلم (٢١٢٧).
(٢) والحَرَسِيّ: واحد الحُرّاس والحَرَس، وهم خدم السلطان المُرتَّبُون لحفظه وحراسته.
انظر: النهاية لابن الأثير مادة (حرس).
(٣) في م: "اتخذها نساؤهم"، والمثبت من الأصل، وهو الموافق لما في الموطأ.
(٤) "وغيرها" سقطت من م.
(٥) "الناس" سقطت من م.
(٦) في م: "والحكم بالقياس"، والمثبت من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>