للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديثٌ ثالثُ خمسينَ لأبي الزِّنادِ

مالكٌ (١)، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعرج، عن أبي هريرةَ، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "والذي نفسِي بيدِهِ، لَخُلُوفُ (٢) فم الصّائم أطيبُ عِندَ الله من رِيح المِسكِ، إنَّما يَذرُ شَهْوتهُ، وطعامهُ، وشرابهُ من أجْلِي، فالصِّيامُ لي وأنا أجزِي به، كلُّ حَسَنةٍ بعشرِ أمثالِها إلى سبع مئةِ ضِعفٍ، إلّا الصِّيامَ فإنَّهُ لي وأنا أجزِي به".

هذا الحديثُ والذي قبلهُ رواهُما عن أبي هريرةَ جماعةٌ من أصحابِهِ، منهُم سعِيدُ بن المُسيِّبِ (٣)، والأعرجُ، وأبو صالح (٤)، ومحمدُ بن سِيرِينَ، وغيرُهُم. ورواهُ أبو سعِيدٍ وغيرُهُ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، كما رواهُ أبو هريرةَ.

وخُلُوفُ فَم الصّائم: ما يَعْترِيهِ في آخِرِ النَّهارِ من التَّغيُّرِ، وأكثرُ ذلك في شِدَّةِ الحرِّ (٥).

ومعنى قولِهِ: "لخُلُوفُ فم الصّائم أطيبُ عِندَ الله من رِيح المِسكِ".

يُرِيدُ: أزْكَى عِندَ الله، وأقربُ إليه، وأرفَعُ عِندِهِ من رِيح المِسكِ.

وهذا في فَضْلِ الصِّيام، وثوابِ الصّائم، ومن أجلِ هذا الحديثِ كرِهَ جماعةٌ


(١) الموطأ ١/ ٤١٦ (٨٦١).
(٢) قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ٤/ ١٠٥: "لخُلوف، بضمّ المعجمة واللام وسكون الواو بعدها فاء. قال عياض: هذه الرواية الصحيحة، وبعض الشيوخ يقوله بفتح الخاء، قال الخطّابي: وهو خطأ، وحكى القابسي الوجهين".
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٨٧٩١)، وأحمد في مسنده ١٣/ ١٩٨ (٧٧٨٨)، والبخاري (٥٩٢٧)، ومسلم (١١٥١) (١٦١)، والترمذي (٧٦٤)، والبزار في مسنده ١٤/ ٢٥٩ (٧٨٤٦)، والنسائي في المجتبى ٤/ ١٦٤، وفي الكبرى ٣/ ١٣٣ (٢٥٣٩)، وأبو عوانة (٢٦٧٢)، والبيهقي في الكبرى ٤/ ٣٠٤، من طريق سعيد بن المسيب، به. وانظر: المسند الجامع ١٧/ ١٣٤ (١٣٤٠٧).
(٤) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه. وكذا ما بعده.
(٥) زاد هنا في د ٢: "وهو مضموم الخاء، مصدر خلف فيه يخلف خلوفًا، إذا تغير".

<<  <  ج: ص:  >  >>