أبي طلحة، به. وهذا يعني أنه اختُلف فيه على الأوزاعي أيضًا، فمرة رُوي عنه بذكر ابن عباس ومرة دون ذكره، فيكون الخطأ ممن هو دُونه لا منه. وإن كان الصواب عدم ذكر "ابن عباس" كما وقع في إحدى رواياته، فإن رواية سالم أبي النضر التي رواها مالك عنه تعضدها، فلا يكون قد انفرد بعدم ذكر ابن عباس، واللَّه أعلم.
ثالثًا: التوهم في الإسناد:
وقد يتوهم المصنِّف في إسنادٍ ما، مما يتعيّن التنبيه عليه، وبيان الصواب فيه، فمن ذلك مثلًا لا حصرًا:
ما جاء في تمهيد الحديث الثالث لعبد اللَّه بن عمر، حينما ساق حديث عبدِ اللَّه بن الحارِثِ قال: خَطَبنا ابنُ عبّاسٍ في يوم ذي ريح، فلمّا بلَغَ المؤذِّنُ حيَّ على الصَّلاةِ، أمرهُ أن يُنادي: الصَّلاةُ في الرِّحال. قال: فنظَرَ القومُ بعضُهُم إلى بعضٍ، فقال: كأنَّكُم أنكَرتُمْ هذا، قد فعَلَ هذا من هُو خير مِنِّي. فقال (٨/ ٣٦٩): "وذكَرَهُ أبو داود، عن مُسدَّدٍ، عن حمّاد، عن عبدِ الحميدِ، عن عبدِ اللَّه بن الحارِثِ، عن ابن عبّاسٍ. وزاد فيه: إنَّ الجُمُعةَ عَزْمةٌ، وإنِّي كَرِهتُ أن أُخْرِجَكُم فتَمْشُون في الطِّينِ والمَطَرِ".
فتعقبناه على ذكره حمادًا في هذا الإسناد بقولنا: هو خطأ صوابه: إسماعيل -وهو ابن عُليّة- كما في سنن أبي داود (١٠٦٦). وبيّنا أن الذي أوقع المؤلف في هذا الخطأ أنَّ مسددًا يرويه عن حماد أيضًا وهو ابن زيد، كما في صحيح البخاري (٦١٦) ولكنه يرويه عن أيوب، عن عبد الحميد صاحب الزيادي، في حين يرويه إسماعيل ابن علية، عن عبد الحميد صاحب الزيادي من غير واسطة. وكذلك أخرجه البخاري (٩٠١).
ومنها ما جاء في تمهيد الحديث الحادي والخمسين لنافع، عن ابن عُمرَ، سياقته الحديثَ الآتي:"أخبرنا عبدُ اللَّه بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال: حدَّثنا مُسدَّدٌ، قال: حدَّثنا أبو عَوانةَ، عن أبي بِشرٍ، عن ميمُونِ بن مِهرانَ، عن سَعِيد بن جُبير، عن ابن عبّاسٍ، قال: نَهَى رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أكْلِ كلِّ ذي نابٍ من السِّباع، وعن كلِّ ذي مخِلَبٍ من الطَّيرِ"(٩/ ٤٤٢).