"كان ثقة مأمونًا، صدوقًا فاضلًا خيِّرًا، كثير الحديث والعلم والفقه". إلّا أنه تُكلِّم في بعض ما يرويه عن الزُّهري، فقد ذكر عثمان بن سعيد الدارمي في تاريخه عن ابن معين، ص ٤٥ (٢٣) أنه سأله عن الأوزاعي ما حالُه في الزهري؟ فقال:"ثقة، ما أقلّ ما روى عن الزُّهري"، ونقل ابن طهمان عنه كما في كلام أبي زكريا يحيى بن معين في الرجال ص ١٢٣ (٤٠٠): "قيل له: الأوزاعي مثل مالك؟ قال: لا، فقيل له: معمر؟ قال: لا، مالكٌ أكبر الناس كلِّهم في الزُّهري وأثبتُهم عندي"، وذكر الحافظ ابن حجر في تهذيبه ٦/ ٢٤١ عن يعقوب بن شيبة عن ابن معين قوله:"الأوزاعي في الزُّهري ليس بذاك". قال يعقوب:"والأوزاعي ثقة ثبتٌ، وفي روايته عن الزُّهري خاصة شيءٌ"، ونقل ابن رجب في فتح الباري له ٥/ ٣١٧ عن الأثرم قوله:"وسمعت أبا عبد اللَّه -يعني أحمد- يضعِّف رواية الأوزاعيّ عن الزُّهري". قلنا: ولا يعني هذا تضعيف كلِّ ما رواه عن الزُّهري جملةً، بل اكثره في عِداد الصحيح، احتجَّ بها الشيخان؛ البخاري ومسلم، ولكن قد يقع في بعض ما يرويه عنه بعض الوهم والخطأ كما نُقل عن غير واحد، وهذا لا يطعن في حفظه، وأنه لم يكن بالحافظ كما ذكر المصنِّف. وأما ما ذكره البيهقي بإسناده إلى إبراهيم الحربي كما في تهذيب التهذيب ٦/ ٢٤١ - ٢٤٢ أنه قال عن أحمد بن حنبل:"حديثه ضعيف، ثم قال مفسِّرًا لذلك: يريد أحمد بذلك بعض ما يحتجُّ به لأنه أضعف في الرواية، والأوزاعي إمام في نفسه ثقة. لكنه يحتجُّ في بعض مسائله بأحاديث مَن لم يقف على حاله، ثم يحتجُّ بالمقاطيع". قلنا: هذا شيءٌ انفرد به إبراهيم الحربيّ - إن صحّ عنه عن الإمام أحمد، وما نقله المُتقِنون الثقات عن أحمد يخالفه، فقد وثَّقه أحمد مطلقًا كما في علله ١/ ٣٦٩، وكما نقل عنه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه، ص ٤٦١ قوله:"كان الأوزاعي من الأئمّة". ثم إن ما ذكر عن الأوزاعي أنه خالف فيه رواية الجماعة كابن أبي ذئب ويونس ومعمر وغيرهم، قد وقع في روايته عن الزُّهري مثل روايتهم وذكر فيه "ابن عباس"، فقد أخرج النسائي في الكبرى ٨/ ٤٥٣ (٩٦٨٣) من طريق هقل بن زياد، والطبراني في الكبير ٥/ ٩٤ (٤٦٩٢) من طريق الوليد بن مسلم، كلاهما عن الأوزاعي، عن الزُّهري، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه عن ابن عباس عن